" والله يعصمك من الناس " أي بلغ أنت رسالتي وأنا حافظك وناصرك ومؤيدك على أعدائك ومظفرك بهم فلا تخف ولا تحزن فلن يصل أحد منهم إليك بسوء يؤذيك وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل نزول هذه الآية يحرس كما قال الإمام أحمد حدثنا يزيد حدثنا يحيى قال سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة يحدث أن عائشة - رضي الله عنها - كانت تحدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهر ذات ليلة وهي إلى جنبه قالت: فقلت ما شأنك يا رسول الله قال " ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة " قالت فبينا أنا على ذلك إذ سمعت صوت السلاح فقال " من هذا فقال أنا سعد بن مالك فقال " ما جاء بك " قال جئت لأحرسك يا رسول الله قالت فسمعت غطيط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نومه أخرجاه في الصحيحين من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري به وفي لفظ سهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة مقدمه المدينة يعني على أثر هجرته بعد دخوله بعائشة - رضي الله عنها - وكان ذلك في سنة ثنتين منها وقال ابن أبي حاتم حدثنا إبراهيم بن مرزوق البصري نزيل مصر حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا الحرث بن عبيد - يعني أبا قدامة - عن الجريري عن عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحرس حتى نزلت هذه الآية " والله يعصمك من الناس - قالت فأخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - رأسه من القبة وقال: " يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله عز وجل " وهكذا رواه الترمذي عن عبد بن حميد وعن نصر بن علي الجهضمي كلاهما عن مسلم بن إبراهيم به ثم قال وهذا حديث غريب وهكذا رواه ابن جرير والحاكم في مستدركه من طرق مسلم بن إبراهيم ثم قال الحاكم صحيح الاسناد ولم يخرجاه وكذا رواه سعيد ابن منصور عن الحارث بن عبيد أن قدامة الأيادي عن الجريري عن عبد الله بن شقيق عن عائشة به ثم قال الترمذي وقد روى بعضهم هذا عن الجريري عن ابن شقيق قال كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحرس حتى نزلت هذه الآية ولم يذكر عائشة قلت هكذا رواه ابن جرير من طريق إسماعيل بن علية وابن مردويه من طريق وهيب كلاهما عن الجريري عن عبد الله بن شقيق مرسلا وقد روى هذا مرسلا عن سعيد بن جبير ومحمد بن كعب القرظي رواهما ابن جرير والربيع بن أنس. رواه ابن مردويه ثم قال حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا أحمد بن رشدين المصري حدثنا خالد بن عبد السلام الصدفي حدثنا الفضل بن المختار عن عبد الله بن موهب عن عصمة بن مالك الخطمي قال كنا نحرس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالليل حتى نزلت " والله يعصمك من الناس " فترك الحرس حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا حمد بن محمد بن حمد أبو نصر الكاتب البغدادي حدثنا كردوس بن محمد الواسطي حدثنا يعلى بن عبد الرحمن عن فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال: كان العباس عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيمن يحرسه فلما نزلت هذه الآية " والله يعصمك من الناس " ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحرس حدثنا علي بن أبي حامد المديني حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد حدثنا محمد بن مفضل بن إبراهيم الأشعري حدثنا أبي حدثنا محمد بن معاوية بن عمار حدثنا أبي قال سمعت أبا الزبير المكي يحدث عن جابر بن عبد الله قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج بعث معه أبو طالب من يكلؤه حتى نزلت " والله يعصمك من الناس " فذهب ليبعث معه فقال " يا عم إن الله قد عصمني لا حاجة لي إلى من تبعث " وهذا حديث غريب وفيه نكارة فإن هذه الآية مدنية وهذا الحديث يقتضي أنها مكية ثم قال حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم حدثنا محمد بن يحيى حدثنا أبو كريب حدثنا عبد الحميد الجماني عن النضر عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحرس فكان أبو طالب يرسل إليه كل يوم رجالا من بني هاشم يحرسونه حتى نزلت عليه هذه الآية " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس " قال فأراد عمه أن يرسل معه من يحرسه فقال: " إن الله قد عصمني من الجن والإنس " ورواه الطبراني عن يعقوب بن غيلان العماني عن أبي كريب به.
هذا أيضا حديث غريب والصحيح أن هذه الآية مدنية بل هي من أواخر ما نزل بها والله أعلم ومن عصمة الله لرسوله حفظه له من أهل مكة وصناديدها وحسادها ومعانديها ومترفيها مع شدة العداوة والبغضة ونصب المحاربة له ليلا ونهارا بما يخلقه الله من الأسباب العظيمة بقدرته وحكمته العظيمة فصانه في ابتداء الرسالة بعمه أبي طالب إذ