ثم قال صحيح على شرط مسلم. وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا محمد بن معمر حدثنا إبراهيم بن دستوريه الفارسي حدثنا أبو بكر بن أحمد بن محمد بن سالم حدثنا ابن أبي فديك حدثني عمر بن طلحة الرقاشي عن نافع بن مالك بن أبي سهيل عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نزلت سورة الأنعام معها موكب من الملائكة سد ما بين الخافقين لهم زجل بالتسبيح والأرض بهم ترتج " ورسول الله يقول " سبحان الله العظيم سبحان الله العظيم " ثم روى ابن مردويه عن الطبراني عن إبراهيم بن نائلة عن إسماعيل بن عمر عن يوسف بن عطية عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نزلت علي سورة الأنعام جملة واحدة وشيعها سبعون ألفا من الملائكة لهم زجل بالتسبيح والتحميد ".
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون (1) هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون (2) وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون (3) يقول الله تعالى مادحا نفسه الكريمة وحامدا لها على خلقه السماوات والأرض قرار لعباده. وجعل الظلمات والنور منفعة لعباده في ليلهم ونهارهم فجمع لفظ الظلمات ووحد لفظ النور لكونه أشرف كقوله تعالى " عن اليمين والشمائل " وكما قال في آخر هذه السورة " وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله " ثم قال تعالى " ثم الذين كفروا بربهم يعدلون " أي ومع هذا كله كفر به بعض عباده وجعلوا له شريكا وعدلا واتخذوا له صاحبة وولدا تعالى الله عز وجل عن ذلك علوا كبيرا. وقوله تعالى " هو الذي خلقكم من طين " يعني أباهم آدم الذي هو أصلهم ومنه خرجوا فانتشروا في المشارق والمغارب وقوله " ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده " قال سعيد بن جبير عن ابن عباس " ثم قضى أجلا " يعني الموت " وأجل مسمى عنده " يعني الآخرة وهكذا روي عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والحسن وقتادة والضحاك وزيد بن أسلم وعطية والسدي ومقاتل بن حيان وغيرهم وقول الحسن في رواية عنه " ثم قضى أجلا " وهو ما بين أن يخلق إلى أن يموت " وأجل مسمى عنده " وهو ما بين أن يموت إلى أن يبعث هو يرجع إلى ما تقدم وهو تقدير الاجل الخاص وهو عمر كل إنسان وتقدير الاجل العام وهو عمر الدنيا بكمالها ثم انتهائها وانقضائها وزوالها وانتقالها والمصير إلى الدار الآخرة وعن ابن عباس ومجاهد " ثم قضى أجلا " يعني مدة الدنيا " وأجل مسمى عنده " يعني عمر الانسان إلى حين موته وكأنه مأخوذ من قوله تعالى بعد هذا " وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار " الآية وقال عطية عن ابن عباس " ثم قضى أجلا " يعني النوم يقبض فيه الروح ثم يرجع إلى صاحبه عند اليقظة " وأجل مسمى عنده " يعني أجل موت الانسان وهذا قول غريب ومعنى قوله " عنده " أي لا يعلمه إلا هو كقوله " إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو " وكقوله " يسألونك عن الساعة أيان مرساها فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها " وقوله تعالى " ثم أنتم تمترون " قال السدي وغيره: يعني تشكون في أمر الساعة وقوله تعالى " وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم " اختلف مفسرو هذه الآية على أقوال بعد اتفاقهم على إنكار قول الجهمية الأول قائلين تعالى عن قولهم علوا كبيرا بأنه في كل مكان حيث حملوا الآية على ذلك فالأصح من الأقوال أنه المدعو الله في السماوات وفى الأرض أي يعبده ويوحده ويقر له بالإلهية من في السماوات ومن في الأرض ويسمونه الله ويدعونه رغبا ورهبا إلا من كفر من الجن والإنس وهذه الآية على هذا القول كقوله تعالى " وهو الذي في السماء