ورأيت رجلا من أمتي قد احتوشته الشياطين فجاءه ذكر الله فخلصه من بينهم ورأيت رجلا من أمتي قد احتوشته ملائكة العذاب فجاءته صلاته فاستنقذته من أيديهم ورأيت رجلا من أمتي يلهث عطشا كلما ورد حوضا منع منه فجاءه صيامه فسقاه وأرواه ورأيت رجلا من أمتي والنبيون قعود حلقا حلقا كلما دنا لحلقة طردوه فجاءه اغتساله من الجنابة فأخذ بيده فأقعده إلى جنبي ورأيت رجلا من أمتي بين يديه ظلمة ومن خلفه ظلمة وعن يمينه ظلمة وعن شماله ظلمة ومن فوقه ظلمة ومن تحته ظلمة وهو متحير فيها فجاءته حجته وعمرته فاستخرجاه من الظلمة وأدخلاه النور ورأيت رجلا من أمتي يكلم المؤمنين فلا يكلمونه فجاءه صلة الرحم فقالت يا معشر المؤمنين كلموه فكلموه ورأيت رجلا من أمتي يتقي وهج النار وشررها بيده عن وجهه فجاءته صدقته فصارت له سترا على وجهه وظلا على رأسه ورأيت رجلا من أمتي قد أخذته الزبانية من كل مكان فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فاستنقذاه من أيديهم وأدخلاه مع ملائكة الرحمة ورأيت رجلا من أمتي جاثيا على ركبتيه بينه وبين الله حجاب فجاءه حسن خلقه فأخذ بيده فأدخله على الله عز وجل ورأيت رجلا من أمتي قد هوت صحيفته من قبل شماله فجاءه خوفه من الله فأخذ صحيفته فجعلها في يمينه ورأيت رجلا من أمتي قد خف ميزانه فجاءته أفراطه فثقلوا ميزانه ورأيت رجلا من أمتي قائما على شفير جهنم فجاءه وجله من الله فاستنقذه من ذلك ومضى ورأيت رجلا من أمتي هوى في النار فجاءته دموعه التي بكى من خشية الله في الدنيا فاستخرجته من النار ورأيت رجلا من أمتي قائما على الصراط يرعد كما ترعد السعفة فجاء حسن ظنه بالله فسكن رعدته ومضى ورأيت رجلا من أمتي على الصراط يزحف أحيانا ويحبو أحيانا فجاءته صلاته علي فأخذت بيده فأقامته ومضى على الصراط ورأيت رجلا من أمتي انتهى إلى باب الجنة فغلقت الأبواب دونه فجاءته شهادة أن لا إله إلا الله ففتحت له الأبواب وأدخلته الجنة ". قال القرطبي بعد إيراده هذا الحديث من هذا الوجه هذا حديث عظيم ذكر فيه أعمالا خاصة تنجي من أهوال خاصة أورده هكذا في كتابه التذكرة وقد روى الحافظ أبو يعلى الموصلي في هذا حديثا غريبا مطولا فقال: حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن إبراهيم البكري حدثنا محمد بن بكر البرساني أبو عثمان حدثنا أبو عاصم الحبطي وكان من أخيار أهل البصرة وكان من أصحاب حزم وسلام بن أبي مطيع حدثنا بكر بن حبيش عن ضرار بن عمرو عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك عن تميم الدارمي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " يقول الله عز وجل لملك الموت انطلق - إلى وليي فأتني به فإني قد ضربته بالسراء والضراء فوجدته حيث أحب ائتني به فلأريحنه فينطلق إليه ملك الموت ومعه خمسمائة من الملائكة معهم أكفان وحنوط من الجنة ومعهم ضبائر الريحان أصل الريحانة واحد وفى رأسها عشرون لونا لكل لون منها ريح سوى ريح صاحبه ومعهم الحرير الأبيض فيه المسك الاذفر فيجلس ملك الموت عند رأسه وتحف به الملائكة ويضع كل ملك منهم يده على عضو من أعضائه ويبسط ذلك الحرير الأبيض والمسك الاذفر تحت ذقنه ويفتح له باب إلى الجنة فإن نفسه لتعلل عند ذلك بطرف الجنة تارة بأزواجها وتارة بكسوتها ومرة بثمارها كما يعلل الصبي أهله إذا بكى قال وإن أزواجه ليبتهشن عند ذلك ابتهاشا قال وتبرز الروح - قال البرساني يريد أن تخرج من العجل إلى ما تحب - قال: ويقول ملك الموت اخرجي يا أيتها الروح الطيبة إلى سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب قال ولملك الموت أشد به لطفا من الوالدة بولدها يعرف أن ذلك الروح حبيب لربه فهو يلتمس بلطفه تحببا لديه رضاء للرب عنه فتسل روحه كما تسل الشعرة من العجين، قال: وقال الله عز وجل " الذين تتوفاهم الملائكة طيبين " وقال " فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم " قال روح من جهة الموت وريحان يتلقى به وجنة نعيم تقابله قال فإذا قبض ملك الموت روحه قالت الروح للجسد جزاك الله عني خيرا فقد كنت سريعا بي إلى طاعة الله بطيئا بي عن معصية الله فقد نجبت وأنجبت قال: ويقول الجسد للروح مثل ذلك قال وتبكي عليه بقاع الأرض التي كان يطيع الله فيها وكل باب من السماء يصعد منه عمله وينزل منه رزقه أربعين ليلة قال فإذا قبض ملك الموت روحه أقامت الخمسمائة من الملائكة عند جسده فلا يقلبه بنو آدم لشق إلا قلبته الملائكة قبلهم وغسلته وكفنته بأكفان قبل أكفان بني آدم وحنوط قبل
(٥٥٥)