الآية. فلما عزموا على ذلك وتواطأوا عليه وجاءوا من الليل ليفتكوا بنبي الله فأرسل الله سبحانه وتعالى وله العزة ولرسوله عليهم حجارة فرضختهم سلفا وتعجيلا قبل قومهم وأصبح ثمود يوم الخميس وهو اليوم الأول من أيام النظرة ووجوههم مصفرة كما وعدهم صالح عليه السلام وأصبحوا في اليوم الثاني من أيام التأجيل وهو يوم الجمعة ووجوههم محمرة وأصبحوا في اليوم الثالث من أيام المتاع وهو يوم السبت ووجوههم مسودة فلما أصبحوا من يوم الأحد وقد تحنطوا وقعدوا ينتظرون نقمة الله وعذابه عياذا بالله من ذلك لا يدرون ماذا يفعل بهم ولا كيف يأتيهم العذاب وأشرقت الشمس جاءتهم صيحة من السماء ورجفة شديدة من أسفل منهم ففاضت الأرواح وزهقت النفوس في ساعة واحدة " فأصبحوا في دارهم جاثمين " أي صرعى لا أرواح فيهم ولم يفلت منهم أحد لا صغير ولا كبير لا ذكر ولا أنثى قالوا إلا جارية كانت مقعدة واسمها كلبة ابنة السلق. ويقال لها الذريعة وكانت كافرة شديدة العداوة لصالح عليه السلام فلما رأت ما رأت من العذاب أطلقت رجلاها فقامت تسعى كأسرع شئ فأتت حيا من الاحياء فأخبرتهم بما رأت وما حل بقومها ثم استسقتهم من الماء فلما شربت ماتت قال علماء التفسير ولم يبق من ذرية ثمود أحد سوى صالح عليه السلام ومن تبعه رضي الله عنهم إلا أن رجلا يقال له أبو رغال كان لما وقعت النقمة بقومه مقيما إذ ذاك في الحرم فلم يصبه شئ فلما خرج في بعض الأيام إلى الحل جاءه حجر من السماء فقتله وقد تقدم في أول القصة حديث جابر بن عبد الله في ذلك وذكروا أن أبا رغال هذا هو والد ثقيف الذين كانوا يسكنون الطائف قال عبد الرزاق عن معمر أخبرني إسماعيل بن أمية أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مر بقبر أبي رغال فقال " أتدرون من هذا؟ " قالوا الله ورسوله أعلم قال " هذا قبر أبي رغال رجل من ثمود كان في حرم الله فمنعه حرم الله عذاب الله فلما خرج أصابه ما أصاب قومه فدفن ههنا ودفن معه غصن من ذهب فنزل القوم فابتدروه بأسيافهم فبحثوا عنه فاستخرجوا الغصن ". وقال عبد الرزاق قال معمر قال الزهري أبو رغال أبو ثقيف هذا مرسل من هذا الوجه وقد روى متصلا من وجه آخر كما قال محمد بن إسحاق عن إسماعيل بن أمية عن بجير بن أبي بجير قال سمعت عبد الله بن عمرو يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله يقول حين خرجنا معه إلى الطائف فمررنا بقبر فقال " هذا قبر أبي رغال وهو أبو ثقيف وكان من ثمود وكان بهذا الحرم فدفع عنه فلما خرج أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان فدفن فيه وآية ذلك أنه دفن معه غصن من ذهب إن أنتم نبشتم عنه أصبتموه فابتدره الناس فاستخرجوا منه الغصن ". وهكذا رواه أبو داود عن يحيى بن معين عن وهب بن جرير بن حازم عن أبيه عن ابن إسحاق به قال شيخنا أبو الحجاج المزي وهو حديث حسن عزيز. " قلت " تفرد بوصله بجير بن أبي بجير هذا وهو شيخ لا يعرف إلا بهذا الحديث قال يحيى بن معين ولم أسمع أحدا روى عنه غير إسماعيل بن أمية. " قلت " وعلى هذا فيخشى أن يكون وهم في رفع هذا الحديث. وإنما يكون من كلام عبد الله بن عمرو مما أخذه من الزاملتين قال شيخنا أبو الحجاج بعد أن عرضت عليه ذلك وهذا محتمل والله أعلم.
فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين (79) هذا تقريع من صالح عليه السلام لقومه لما أهلكهم الله بمخالفتهم إياه وتمردهم على الله وإبائهم عن قبول الحق وإعراضهم عن الهدى إلى العمى قال لهم صالح ذلك بعد هلاكهم تقريعا وتوبيخا وهم يسمعون ذلك كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ظهر على أهل بدر أقام هناك ثلاثا ثم أمر براحلته فشدت بعد ثلاث من آخر الليل فركبها ثم سار حتى وقف على القليب قليب بدر فجعل يقول " يا أبا جهل بن هشام يا عتبة بن ربيعة يا شيبة بن ربيعة ويا فلان بن فلان هل وجدتم ما وعد ربكم حقا فإني وجدت ما وعدني ربي حقا ". فقال له عمر يا رسول الله ما تكلم من أقوام قد جيفوا فقال " والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكن لا يجيبون ". وفي السيرة