سفيان بن وكيع حدثنا أبي عن شريك عن عطاء بن السائب عن أبي الضحى عن ابن عباس " المص " أنا الله أفصل. وكذا قال سعيد بن جبير " كتاب أنزل إليك " أي هذا كتاب أنزل إليك أي من ربك " فلا يكن في صدرك حرج منه " قال مجاهد وقتادة والسدي شك منه وقيل لا تتحرج به في إبلاغه والانذار به " فاصبر كما صبرا أولوا العزم من الرسل " ولهذا قال " لتنذر به " أي أنزلناه إليك لتنذر به الكافرين " وذكرى للمؤمنين " قال تعالى مخاطبا للعالم " اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم " أي اقتفوا آثار النبي الأمي الذي جاءكم بكتاب أنزل إليكم من رب كل شئ ومليكه " ولا تتبعوا من دونه أولياء " أي لا تخرجوا عما جاءكم به الرسول إلى غيره فتكونوا قد عدلتم عن حكم الله إلى حكم غيره " قليلا ما تذكرون " كقوله " وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين " وقوله " وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله " الآية. وقوله " وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ".
وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون (4) فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين (5) فلنسئلن الذين أرسل إليهم ولنسئلن المرسلين (6) فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين (7) يقول الله تعالى " وكم من قرية أهلكناها " أي بمخالفة رسلنا وتكذيبهم فأعقبهم ذلك خزي في الدنيا موصولا بذل الآخرة كما قال تعالى " ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون " وكقوله " فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد " وقال تعالى " وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين " وقوله " فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون " أي فكان منهم من جاءه أمر الله وبأسه ونقمته بياتا أي ليلا أو هم قائلون من القيلولة وهي الاستراحة وسط النهار وكلا الوقتين وقت غفلة ولهو كما قال " أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون * أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون " وقال " أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون * أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين * أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرءوف رحيم " وقوله " فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين " أي فما كان قولهم عند مجئ العذاب إلا أن اعترفوا بذنوبهم وأنهم حقيقون بهذا كقوله تعالى " وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة - إلى قوله - خامدين " قال ابن جرير: في هذه الآية الدلالة الواضحة على صحة ما جاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله " ما هلك قوم حتى يعذروا من أنفسهم " حدثنا بذلك ابن حميد حدثنا جرير عن أبي سنان عن عبد الملك بن ميسرة الزراد قال: قال عبد الله بن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما هلك قوم حتى يعذروا من أنفسهم " قال: قلت لعبد الملك كيف يكون ذاك قال فقرأ هذه الآية " فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين " وقوله " فلنسألن الذين أرسل إليهم " الآية. كقوله " ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين " وقوله " يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب " فيسأل الله الأمم يوم القيامة عما أجابوا رسله فيما أرسلهم به ويسأل الرسل أيضا عن إبلاغ رسالاته ولهذا قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسير هذه الآية " فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين " قال عما بلغوا وقال ابن مردويه حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن حدثنا أبو سعيد الكندي حدثنا المحاربي عن ليث عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالامام يسأل عن رعيته والرجل يسأل عن أهله والمرأة تسأل عن بيت زوجها والعبد يسأل عن مال سيده ". قال الليث وحدثني ابن طاوس مثله ثم قرأ " فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين " وهذا الحديث مخرج في