الميتة أو ذلك الصيد ويلزمه الجزاء أو ذلك الطعام ويضمن بدله؟ على قولين هما قولان للشافعي رحمه الله وليس من شرط جواز تناول الميتة أن يمضي عليه ثلاثة أيام لا يجد طعاما كما قد يتوهمه كثير من العوام وغيرهم بل متى اضطر إلى ذلك جاز له وقد قال الإمام أحمد: حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي حدثنا حسان بن عطية عن أبي واقد الليثي أنهم قالوا: يا رسول الله إنا بأرض تصيبنا بها المخمصة فمتى تحل لنا بها الميتة؟ فقال: " إذا لم تصطبحوا ولم تغتبقوا ولم تحتفؤا بها بقلا فشأنكم بها " تفرد به أحمد من هذا الوجه وهو إسناد صحيح على شرط الصحيحين وكذا رواه ابن جرير عن عبد الاعلى بن واصل عن محمد بن القاسم الأسدي عن الأوزاعي به لكن رواه بعضهم عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن مسلم بن يزيد عن أبي واقد به ومنهم من رواه عن الأوزاعي عن حسان عن مرثد أو أبي مرثد عن أبي واقد به. ورواه ابن جرير عن هناد بن السري عن عيسى بن يونس عن حسان عن رجل قد سمي له فذكره ورواه أيضا عن هناد عن ابن المبارك عن حسان مرسلا وقال ابن جرير: حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا ابن علية عن ابن عون قال: وجدت عند الحسن كتاب سمرة فقرأته عليه فكان فيه:
ويجزي من الاضرار غبوق أو صبوح. حدثنا أبو كريب حدثنا هشيم عن الخصيب بن زيد التميمي حدثنا الحسن أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: متى يحل الحرام؟ قال: فقال: " إلى متى يروي أهلك من اللبن أو تجئ ميرتهم " حدثنا ابن حميد حدثنا سلمة عن ابن إسحاق حدثني عمر بن عبد الله بن عروة عن جده عروة بن الزبير عن جدته أن رجلا من الاعراب أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستفتيه في الذي حرم الله عليه والذي أحل له فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " يحل لك الطيبات ويحرم عليك الخبائث إلا أن تفتقر إلى طعام لك فتأكل منه حتى تستغني عنه " فقال الرجل: وما فقري الذي يحل لي وما غنائي الذي يغنيني عن ذلك؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا كنت ترجو غناء تطلبه فتبلغ من ذلك شيئا فأطعم أهلك ما بدا لك حتى تستغني عنه " فقال الاعرابي ما غنائي الذي أدعه إذا وجدته فقال: صلى الله عليه وسلم: " إذا رويت كنت أهلك غبوقا من الليل فأجتنب ما حرم الله عليك من طعام مالك فإنه ميسور كله فليس فيه حرام " ومعنى قوله " ما لم تصطحبوا " يعني به الغداء " وما لم تغتبقوا " يعني به العشاء " أو تحتفئوا بقلا فشأنكم بها " فكلوا منها. وقال ابن جرير: يروى هذا الحرف يعني قوله " أو تحتفئوا " على أربعة أوجه: تحفؤا بالهمزة وتحتفيوا بتخفيف الياء والحاء وتحتفوا بتشديد وتحتفوا بالحاء وبالتخفيف ويحتمل الهمز كذا رواه في التفسير " حديث آخر " قال أبو داود: حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا الفضل بن دكين حدثنا وهب بن عقبة العامري سمعت أبي يحدث عن النجيع العامري أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما يحل لنا من الميتة قال: " ما طعامكم " قلنا نصطبح ونغتبق قال أبو نعيم: فسره لي عقبة قدح غدوة وقدح عشية قال: ذاك وأبي الجوع وأحل لهم الميتة على هذه الحال. تفرد به أبو داود وكأنهم كانوا يصطبحون ويغتبقون شيئا لا يكفيهم فأحل لهم الميتة لتمام كفايتهم وقد يحتج به من يرى جواز الأكل منها حتى يبلغ حد الشبع ولا يتقيد ذلك بسد الرمق والله أعلم " حديث آخر " قال أبو داود حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد حدثنا سماك عن جابر عن سمرة أن رجلا نزل الحرة ومعه أهله وولده فقال له رجل إن ناقتي ضلت فإن وجدتها فأمسكها فوجدها ولم يجد صاحبها فمرضت فقالت له امرأته انحرها فأبى فنفقت فقالت له امرأته: اسلخها حتى تقدد شحمها ولحمها فنأكله قال: لا حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه فسأله فقال: " هل عندك غنى يغنيك " قال: لا قال: " فكلوها " قال فجاء صاحبها فأخبره الخير فقال: هلا كنت نحرتها؟ قال: استحييت منك. تفرد به وقد يحتج به من يجوز الاكل والشبع والتزود منها مدة يغلب على ظنه الاحتياج إليها والله أعلم. وقوله " غير متجانف لاثم " أي متعاط لمعصية الله فإن الله قد أباح ذلك له وسكت عن الآخر كما قال في سورة البقرة " فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم " وقد استدل بهذه الآية من يقول بأن العاصي بسفره لا يترخص بشئ من رخص السفر لان الرخص لا تنال بالمعاصي والله أعلم.