جرير - وهو إسحاق بن حرشة - عن قبيصة يعني - ابن أبي ذئب - قال: قال كعب لو أن غير هذه الأمة نزلت عليهم هذه الآية لنظروا اليوم الذي أنزلت فيه عليهم فاتخذوه عيدا يجتمعون فيه فقال عمر: أي آية يا كعب؟ فقال " اليوم أكملت لكم دينكم " فقال عمر: قد علمت اليوم الذي أنزلت والمكان الذي أنزلت فيه نزلت في يوم الجمعة ويوم عرفة وكلاهما بحمد الله لنا عيد. وقال ابن جرير: حدثنا أبو بكر حدثنا قبيصة حدثنا حماد بن سلمة عن عمار هو مولى بني هاشم أن ابن عباس قرأ " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا " فقال يهودي: لو نزلت هذه الآية علينا لاتخذنا يومها عيدا فقال ابن عباس: فإنها نزلت في يوم عيدين اثنين يوم عيد ويوم جمعة. وقال ابن مردويه: حدثنا أحمد بن كامل حدثنا موسى بن هارون حدثنا يحيى الحماني حدثنا قيس بن الربيع عن إسماعيل بن سليمان عن أبي عمر البزار عن أبي الحنيفة عن علي قال: نزلت هذه الآية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو قائم عشية عرفة " اليوم أكملت لكم دينكم " وقال ابن جرير: حدثنا أبو عامر - إسماعيل بن عمرو السكوني - حدثنا هشام بن عمار حدثنا ابن عياش حدثنا عمرو بن قيس السكوني أنه سمع معاوية بن أبي سفيان على المنبر ينتزع بهذه الآية " اليوم أكملت لكم دينكم " حتى ختمها فقال نزلت في يوم عرفة في يوم جمعة. وروى ابن مردويه من طريق محمد بن إسحاق عن عمرو بن موسى بن دحية عن قتادة عن الحسن عن سمرة قال: نزلت هذه الآية " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا " يوم عرفة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقف على الموقف فأما ما رواه ابن جرير وابن مردويه والطبراني من طريق ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن حنش بن عبد الله الصغاني عن ابن عباس قال: ولد نبيكم صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين وخرج من مكة يوم الاثنين ودخل المدينة يوم الاثنين وفتح بدرا يوم الاثنين وأنزلت سورة المائدة يوم الاثنين اليوم أكملت لكم دينكم. ورفع الذكر يوم الاثنين فإنه أثر غريب وإسناده ضعيف. وقد رواه الإمام أحمد حدثنا موسى بن داود حدثنا ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن حنش الصغاني عن ابن عباس قال: ولد النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الاثنين واستنبئ يوم الاثنين وخرج مهاجرا من مكة إلى المدينة يوم الاثنين وقدم المدينة يوم الاثنين وتوفي يوم الاثنين ووضع الحجر الأسود يوم الاثنين هذا لفظ أحمد ولم يذكر نزول المائدة يوم الاثنين فالله أعلم. ولعل ابن عباس أراد أنها نزلت يوم عيدين اثنين كما تقدم فاشتبه على الراوي والله أعلم وقال ابن جرير: وقد قيل ليس ذلك بيوم معلوم عند الناس ثم روى من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله " اليوم أكملت لكم دينكم " يقول ليس بيوم معلوم عند الناس قال: وقد قيل إنها نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسيره إلى حجة الوداع. ثم رواه من طريق أبى جعفر الرازي عن الربيع بن أنس قلت وقد روى ابن مردويه من طريق أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري أنها نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم غدير خم حين قال لعلي " من كنت مولاه فعلي مولاه " ثم رواه عن أبي هريرة وفيه أنه اليوم الثامن عشر من ذي الحجة يعني مرجعه - عليه السلام - من حجة الوداع ولا يصح لا هذا ولا هذا بل الصواب الذي لا شك فيه ولا مرية أنها أنزلت يوم عرفة وكان يوم جمعة كما روى ذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأول ملوك الاسلام معاوية بن أبي سفيان وترجمان القرآن عبد الله بن عباس وسمرة بن جندب رضي الله عنه وأرسله الشعبي وقتادة بن دعامة وشهر بن حوشب وغير واحد من الأئمة والعلماء واختاره ابن جرير الطبري رحمه الله وقوله " فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لاثم فإن الله غفور رحيم " أي فمن احتاج إلى تناول شئ من هذه المحرمات التي ذكرها الله تعالى لضرورة ألجأته إلى ذلك فله تناوله والله غفور رحيم له لأنه تعالى يعلم حاجة عبده المضطر وافتقاره إلى ذلك فيتجاوز عنه ويغفر له وفي المسند وصحيح ابن حبان عن ابن عمر مرفوعا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله يحب أن تؤتى رخصته كما يكره أن تؤتى معصيته " لفظ ابن حبان وفي لفظ لأحمد " من لم يقبل رخصة الله كان عليه من الاثم مثل جبال عرفة ". ولهذا قال الفقهاء: قد يكون تناول الميتة واجبا في بعض الأحيان وهو ما إذا خاف على نفسه ولم يجد غيرها وقد يكون مندوبا وقد يكون مباحا بحسب الأحوال واختلفوا هل يتناول منها قدر ما يسد به الرمق أو له أن يشبع أو يشبع ويتزود؟ على أقوال كما هو مقرر في كتاب الأحكام وفيما إذا وجد ميتة وطعام الغير أو صيدا وهو محرم هل يتناول
(١٥)