إليهم وإلى الذهاب معهم على الطريقة المثلى وتقدير الكلام فيأبى عليهم ولا يلتفت إليهم ولو شاء الله لهداه ولرد به إلى الطريق ولهذا قال " قل إن هدى الله هو الهدى " كما قال " ومن يهد الله فما له من مضل " وقال " إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين " وقوله " وأمرنا لنسلم لرب العالمين " أي نخلص له العبادة وحده لا شريك له " وأن أقيموا الصلاة واتقوه " أي وأمرنا بإقامة الصلاة وبتقواه في جميع الأحوال " وهو الذي إليه تحشرون " أي يوم القيامة " وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق " أي بالعدل فهو خالقهما ومالكهما والمدبر لهما ولمن فيهما وقوله " ويوم يقول كن فيكون " يعني يوم القيامة الذي يقول الله كن فيكون عن أمره كلمح البصر أو هو أقرب ويوم منصوب إما على العطف على قوله واتقوه وتقديره واتقوا يوم يقول كن فيكون وإما على قوله " خلق السماوات والأرض " أي وخلق يوم يقول كن فيكون فذكر بدء الخلق وإعادته وهذا مناسب. وإما على إضمار فعل تقديره واذكر يوم يقول كن فيكون وقوله " قوله الحق وله الملك " جملتان محلهما الجر على أنهما صفتان لرب العالمين وقوله " ويوم ينفخ في الصور " يحتمل أن يكون بدلا من قوله " ويوم يقول كن فيكون يوم ينفخ في الصور " ويحتمل أن يكون ظرفا لقوله " وله الملك يوم ينفخ في الصور " كقوله " لمن الملك اليوم لله الواحد القهار " وكقوله " الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا " وما أشبه ذلك واختلف المفسرون في قوله " يوم ينفخ في الصور " فقال بعضهم المراد بالصور هنا جمع صورة أي يوم ينفخ فيها فتحيا. قال ابن جرير كما يقال سور لسور البلد وهو جمع سورة والصحيح أن المراد بالصور القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام قال ابن جرير والصواب عندنا ما تظاهرت به الاخبار عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال " إن إسرافيل قد التقم الصور وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر فينفخ ". رواه مسلم في صحيحه وقال الإمام أحمد حدثنا إسماعيل حدثنا سليمان التيمي عن أسلم العجلي عن بشر بن شغاف عن عبد الله بن عمرو قال: قال أعرابي يا رسول الله ما الصور؟ قال " قرن ينفخ فيه ".
وقد روينا حديث الصور بطوله من طريق الحافظ أبي القاسم الطبراني في كتابه المطولات قال حدثنا أحمد بن الحسن المقري الأيلي حدثنا أبو عاصم النبيل حدثنا إسماعيل بن رافع عن محمد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو في طائفة من أصحابه فقال إن الله لما فرغ من خلق السماوات والأرض خلق الصور فأعطاه إسرافيل فهو واضعه على فيه شاخصا بصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر " قلت يا رسول الله وما الصور؟ قال " القرن " قلت كيف هو؟ قال " عظيم والذي بعثني بالحق إن عظم دارة فيه كعرض السماوات والأرض ينفخ فيه ثلاث نفخات النفخة الأولى نفخة الفزع والثانية نفخة الصعق والثالثة نفخة القيام لرب العالمين يأمر الله تعالى إسرافيل بالنفخة الأولى فيقول انفخ فينفخ نفخة الفزع فيفزع أهل السماوات والأرض إلا من شاء الله ويأمره فيطيلها ويديمها ولا يفتر وهى كقول الله " وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة مالها من فواق " فيسير الله الجبال فتمر مر السحاب فتكون سرابا ثم ترتج الأرض بأهلها رجا فتكون كالسفينة المرمية في البحر تضربها الأمواج تكفأ بأهلها كالقنديل المعلق في العرش ترجرجه الرياح وهو الذي يقول " يوم ترجف الراجفة * تتبعها الرادفة * قلوب يومئذ واجفة " فيميد الناس على ظهرها وتذهل المراضع وتضع الحوامل وتشيب الولدان وتطير الشياطين هاربة من الفزع حتى تأتي الأقطار فتأتيها الملائكة فتضرب وجوهها فترجع ويولي الناس مدبرين ما لهم من أمر الله من عاصم ينادي بعضهم بعضا وهو الذي يقول الله تعالى " يوم التناد " فبينما هم على ذلك إذ تصدعت الأرض من قطر إلى قطر فرأوا أمرا عظيما لم يروا مثله وأخذهم لذلك من الكرب والهول ما الله به عليم ثم نظروا إلى السماء فإذا هي كالمهل ثم انشقت السماء فانتشرت نجومها وانخسفت شمسها وقمرها " قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم " الأموات لا يعلمون بشئ من ذلك " قال أبو هريرة يا رسول الله من استثنى الله عز وجل حين يقول " ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله "؟ قال " أولئك الشهداء " وإنما يصل الفزع إلى الاحياء وهم أحياء عند ربهم يرزقون وقاهم الله فزع ذلك اليوم وآمنهم منه وهو عذاب الله يبعثه على