تفسير ابن كثير - ابن كثير - ج ٢ - الصفحة ١١٠
فأنزل الله هذه الآية نهاهم أن يسألوا عن مثل الذي سألت عنه النصارى من المائدة " فأصبحوا بها كافرين " فنهى الله عن ذلك وقال لا تسألوا عن أشياء إن نزل القرآن فيها بتغليظ ساءكم ذلك ولكن انتظروا فإذا نزل القرآن فإنكم لا تسألون عن شئ إلا وجدتم بيانه رواه ابن جرير وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس " يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم " قال: لما نزلت آية الحج نادى النبي صلى الله عليه وسلم في الناس فقال " يا أيها الناس إن الله قد كتب عليكم الحج فحجوا " فقالوا يا رسول الله أعاما واحدا أم كل عام؟ فقال " لا بل عاما واحدا ولو قلت كل عام لوجبت ولو وجبت لكفرتم " ثم قال الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء " إلى قوله " ثم أصبحوا بها كافرين " رواه ابن جرير وقال خطيف عن مجاهد عن ابن عباس " لا تسألوا عن أشياء " قال هي البحيرة والوصيلة والسائبة والحام ألا ترى أنه قال بعدها " ما جعل الله من بحيرة " ولا كذا ولا كذا قال وأما عكرمة فقال: إنهم كانوا يسألونه عن الآيات فنهوا عن ذلك ثم قال " قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين " رواه ابن جرير يعني عكرمة رحمه الله أن المراد بهذا النهي عن سؤال وقوع الآيات كما سألت قريش أن يجري لهم أنهارا وأن يجعل لهم الصفا ذهبا وغير ذلك وكما سألت اليهود أن ينزل عليهم كتابا من السماء وقد قال الله تعالى " وما منعنا أن " نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا " وقال تعالى " وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون * ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون * ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شئ قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله لكن أكثرهم يجهلون ".
ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون (103) وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليها اباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون (104) قال البخاري: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب قال: البحيرة التي يمنع درها للطواغيت فلا يحلبها أحد من الناس والسائبة كانوا يسيبونها لآلهتهم لا يحمل عليها شئ قال: وقال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار كان أول من سيب السوائب " والوصيلة الناقة البكر تبكر في أول نتاج الإبل ثم تثني بعد بأنثى وكانوا يسيبونها لطواغيتهم إن وصلت إحداهما بالأخرى ليس بينهما ذكر والحام فحل الإبل يضرب الضراب المعدود فإذا قضى ضرابه ودعوه للطواغيت واعفوه عن الحمل فلم يحمل عليه شئ وسموه الحامي وكذا رواه مسلم والنسائي من حديث إبراهيم بن سعد به ثم قال البخاري: وقال لي أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال: سمعت سعيدا يخبر بهذا قال: وقال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه ورواه ابن الهاد عن ابن شهاب عن سعيد عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال الحاكم: أراد البخاري أن يزيد بن عبد الله بن الهاد رواه عن عبد الوهاب بن بخت عن الزهري كذا حكاه شيخنا أبو الحجاج المزني في الأطراف وسكت ولم ينبه عليه وفيما قاله الحاكم نظر فإن الإمام أحمد وأبا جعفر بن جرير روياه من حديث الليث بن سعد عن ابن الهاد عن الزهري نفسه والله أعلم ثم قال البخاري: حدثنا محمد بن أبي يعقوب أبو عبد الله الكرماني حدثنا حسان بن إبراهيم حدثنا يونس عن الزهري عن عروة أن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " رأيت جهنم يحطم بعضها بعضا ورأيت عمرا يجر قصبه وهو أول من سيب السوائب " تفرد به البخاري وقال ابن جرير:
حدثنا هناد حدثنا يونس بن بكير حدثنا محمد بن إسحاق حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث عن أبي صالح عن
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست