ثم قالوا أفي كل عام؟ فقال " لا ولو قلت نعم لوجبت ولو وجبت لما استطعتم " فأنزل الله " يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم " الآية وكذا رواه الترمذي وابن ماجة من طريق منصور بن وردان به وقال الترمذي: غريب من هذا الوجه وسمعت البخاري يقول أبو البختري لم يدرك عليا وقال ابن جرير: حدثنا أبو كريب حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن إبراهيم بن مسلم الهجري عن أبي عياض عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله كتب عليكم الحج " فقال رجل أفي كل عام يا رسول الله؟ فأعرض عنه حتى عاد مرتين أو ثلاثا فقال " من السائل؟ " فقال فلان فقال " والذي نفسي بيده لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت عليكم ما أطقتموه ولو تركتموه لكفرتم " فأنزل الله عز وجل " يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم " حتى ختم الآية. ثم رواه ابن جرير من طريق الحسين بن واقد عن محمد بن زياد عن أبي هريرة وقال فقام محصن الأسدي وفي رواية من هذه الطريق عكاشة بن محصن وهو أشبه وإبراهيم بن مسلم الهجري ضعيف. وقال ابن جرير أيضا:
حدثني زكريا بن يحيي بن أبان المصري حدثنا أبو زيد عبد العزيز أبي الغمر حدثنا ابن مطيع - معاوية بن يحيى - عن صفوان بن عمرو حدثني سليم بن عامر قال: سمعت أبا أمامة الباهلي يقول: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فقال " كتب عليكم الحج " فقام رجل من الاعراب فقال: أفي كل عام؟ قال فعلا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسكت وأغضب واستغضب ومكث طويلا ثم تكلم فقال " من السائل؟ " فقال الاعرابي أنا ذا فقال " ويحك ماذا يؤمنك أن أقول نعم والله لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت لكفرتم ألا إنه إنما أهلك الذين من قبلكم أئمة الحرج والله لو أني أحللت لكم جميع ما في الأرض وحرمت عليكم منها موضع خف لوقعتم فيه " قال فأنزل الله عند ذلك " يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم " إلى آخر الآية في إسناده ضعف وظاهر الآية النهي عن السؤال عن الأشياء التي إذا علم بها الشخص ساءته فالأولى الاعراض عنها وتركها وما أحسن الحديث الذي رواه الإمام أحمد حيث قال: حدثنا حجاج قال: سمعت إسرائيل بن يونس عن الوليد بن أبي هاشم مولى الهمداني عن زيد بن زائد عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه " لا يبلغني أحد عن أحد شيئا فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر " الحديث وقد رواه أبو داود والترمذي من حديث إسرائيل قال أبو داود عن الوليد وقال الترمذي عن إسرائيل عن السدي عن الوليد بن أبي هاشم به ثم قال الترمذي غريب من هذا الوجه وقوله تعالى " وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم " أي وإن تسألوا عن هذه الأشياء التي نهيتم عن السؤال عنها حين ينزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تبين لكم (وذلك على الله يسير) ثم قال " عفا الله عنها " أي عما كان منكم قبل ذلك " والله غفور حليم " وقيل المراد بقوله " وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم " أي لا تسألوا عن أشياء تستأنفون السؤال عنها فلعله قد ينزل بسبب سؤالكم تشديد أو تضييق وقد ورد في الحديث " أعظم المسلمين جرما من سأل عن شئ لم يحرم فحرم من أجل مسألته " ولكن إذا نزل القرآن بها مجملة فسألتم عن بيانها بينت لكم حينئذ لاحتياجكم إليها " عفا الله عنها " أي ما لم يذكره في كتابه فهو مما عفا عنه فاسكتوا أنتم عنها كما سكت عنها وفي الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " ذروني ما تركتكم فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم " وفي الحديث الصحيح أيضا " إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها وحرم أشياء فلا تنتهكوها وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تسألوا عنها " ثم قال تعالى " قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين " أي قد سأل هذه المسائل المنهي عنها قوم من قبلكم فأجيبوا عنها ثم لم يؤمنوا بها فأصبحوا بها كافرين أي بسببها أن بينت لهم فلم ينتفعوا بها لانهم لم يسألوا على وجه الاسترشاد بل علي وجه الاستهزاء والعناد وقال العوفي عن ابن عباس في الآية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن في الناس فقال " يا قوم كتب عليكم الحج " فقام رجل من بني أسد فقال: يا رسول الله أفي كل عام فأغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا فقال " والذي نفسي بيده لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت ما استطعتم وإذا لكفرتم فاتركوني ما تركتكم وإذا أمرتكم بشئ فافعلوا وإذا نهيتكم عن شئ فانتهوا عنه "