المسلمين يعني أهل الكتاب ثم قال: وروي عن عبيدة وشريح وسعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين ويحيى بن يعمر وعكرمة ومجاهد وسعيد بن جبير والشعبي وإبراهيم النخعي وقتادة وأبي مجلز والسدي ومقاتل بن حيان وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهم نحو ذلك وعلى ما حكاه ابن جرير عن كرمة وعبيدة في قوله منكم أن المراد من قبيلة الموصي يكون المراد ههنا " أو آخران من غيركم " أي من غير قبيلة الموصي وروى ابن أبي حاتم مثله عن الحسن البصري والزهري رحمهما الله وقوله تعالى " إن أنتم ضربتم في الأرض " أي سافرتم " فأصابتكم مصيبة الموت " وهذان شرطان لجواز استشهاد الذميين عند فقد المؤمنين أن يكون ذلك في سفر وأن يكون في وصية كما صرح بذلك شريح القاضي، وقال ابن جرير: حدثنا عمرو بن علي حدثنا أبو معاوية ووكيع قالا: حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن شريح قال: لا تجوز شهادة اليهود والنصارى إلا في سفر ولا تجوز في سفر إلا في الوصية ثم رواه عن أبي كريب عن أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق السبيعي قال: قال شريح فذكر مثله وروي نحوه عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى وهذه المسألة من أفراده وخالفه الثلاثة فقالوا لا تجوز شهادة أهل الذمة على المسلمين وأجازها أبو حنيفة فيما بين بعضهم بعضا وقال ابن جرير: حدثنا عمرو بن علي حدثنا أبو داود حدثنا صالح بن أبي الأخضر عن الزهري قال: مضت السنة أن لا تجوز شهادة الكافر في حضر ولا سفر إنما هي في المسلمين. وقال ابن زيد: نزلت هذه الآية في رجل توفي وليس عنده أحد من أهل الاسلام وذلك في أول الاسلام والأرض حرب والناس كفار وكان الناس يتوارثون بالوصية ثم نسخت الوصية وفرضت الفرائض وعمل الناس بها. رواه ابن جرير وفي هذا نظر والله أعلم. وقال ابن جرير: اختلف في قوله " شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم " هل المراد به أن يوصي إليهما أو يشهدهما على قولين. " أحدهما " أن يوصي إليهما كما قال محمد بن إسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قسيط قال: سئل ابن مسعود رضي الله عنه عن هذه الآية قال هذا رجل سافر ومعه مال فأدركه قدره فإن وجد رجلين من المسلمين دفع إليهما تركته وأشهد عليهما عدلين من المسلمين رواه ابن أبي حاتم وفيه انقطاع.
" والقول الثاني " أنهما يكونان شاهدين وهو ظاهر سياق الآية الكريمة فإن لم يكن وصي ثالث معهما اجتمع فيهما الوصفان الوصاية والشهادة كما في قصة تميم الداري وعدي بن بداء كما سيأتي ذكرهما آنفا إن شاء الله وبه التوفيق وقد استشكل ابن جرير كونهما شاهدين قال لأنا لا نعلم حكما يحلف فيه الشاهد وهذا لا يمنع الحكم الذي تضمنته هذه الآية الكريمة وهو حكم مستقل بنفسه لا يلزم أن يكون جاريا على قياس جميع الأحكام على أن هذا حكم خاص بشهادة خاصة في محل خاص وقد اغتفر فيه من الأمور ما لم يغتفر في غيره فإذا قامت قرينة الريبة حلف هذا الشاهد بمقتضى ما دلت عليه هذه الآية الكريمة وقوله تعالى " تحبسونهما من بعد الصلاة " قال العوفي عن ابن عباس: يعني صلاة العصر وكذا قال سعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وقتادة وعكرمة ومحمد بن سيرين. وقال الزهري يعني صلاة المسلمين وقال السدي عن ابن عباس يعني صلاة أهل دينهما وروي عن عبد الرزاق عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة وكذا قال إبراهيم وقتادة وغير واحد والمقصود أن يقام هذان الشاهدان بعد صلاة اجتمع الناس فيها بحضرتهم " فيقسمان بالله " أي فيحلفان بالله " إن ارتبتم " أي إن ظهرت لكم منهما ريبة أنهما خانا أو غلا فيحلفان حينئذ بالله " لا نشتري به " أي بأيماننا قاله مقاتل بن حيان (ثمنا) أي لا نعتاض عنه بعوض قليل من الدنيا الفانية الزائلة (ولو كان ذا قربى) أي ولو كان المشهود عليه قريبا لنا لا نحابيه " ولا نكتم شهادة الله " أضافها إلى الله تشريفا لها وتعظيما لأمرها وقرأ بعضهم " ولا نكتم شهادة الله " مجرورا على القسم رواها ابن جرير عن عامر الشعبي وحكى عن بعضهم أنه قرأها (ولا نكتم شهادة الله) والقراءة الأولى هي المشهورة " إنا إذا لمن الآثمين " أي إن فعلنا شيئا من ذلك من تحريف الشهادة أو تبديلها أو تغييرها أو كتمها بالكلية. ثم قال تعالى " فإن عثر على أنهما استحقا إثما " أي فإن اشتهر وظهر