والثاني: شعيا، قاله ابن إسحاق. فأما المقتول من الأنبياء في الفساد الثاني:، فهو يحيى ابن زكريا. قال مقاتل: كان بين الفسادين مائتا سنة وعشر سنين. فأما السبب في قتلهم زكريا، فإنهم اتهموه بمريم، وقالوا: منه حملت، فهرب منهم، فانفتحت له شجرة فدخل فيها وبقي من ردائه هدب، فجاءهم الشيطان فدلهم عليه، فقطعوا الشجرة بالمنشار وهو فيها. وأما السبب في قتلهم " شعيا "، فهو أنه قام فيهم برسالة من الله ينهاهم عن المعاصي. وقيل: هو الذي هرب منهم فدخل في الشجرة حتى قطعوه بالمنشار، وأن زكريا مات حتف أنفه. فأما السبب في قتلهم يحيى بن زكريا، ففيه قولان:
أحدهما: أن ملكهم أراد نكاح امرأة لا تحل له، فنهاه عنها يحيى.
ثم فيها أربعة أقوال:
أحدها: أنها ابنة أخيه، قاله ابن عباس.
والثاني: ابنته، قاله عبد الله بن الزبير.
والثالث: أنها امرأة أخيه، وكان ذلك لا يصلح عندهم، قاله الحسين بن علي عليهما السلام.
والرابع: ابنة امرأته، قاله السدي عن أشياخه، وذكر أن السبب في ذلك: أن ملك بني إسرائيل هوي بنت امرأته، فسأل يحيى عن نكاحها، فنهاه، فحنقت أمها على يحيى حين نهاه أن يتزوج ابنتها، وعمدت إلى ابنتها فزينتها وأرسلتها إلى الملك حين جلس على شرابه، وأمرتها أن تسقيه، وأن تعرض له، فإن أرادها على نفسها، أبت حتى يؤتى برأس يحيى بن زكريا في طست، ففعلت ذلك، فقال: ويحك سليني غير هذا، فقالت: ما أريد إلا هذا، فأمر، فأتي برأسه والرأس يتكلم ويقول: لا تحل لك، لا تحل لك.
والقول الثاني: أن امرأة الملك رأت يحيى عليه السلام وكان قد أعطي حسنا وجمالا، فأرادته على نفسه، فأبى، فقالت لابنتها: سلي أباك رأس يحيى، فأعطاها ما سألت، قاله الربيع ابن أنس. قال العلماء بالسير: ما زال دم يحيى يغلي حتى قتل عليه من بني إسرائيل سبعون ألفا، فسكن، وقيل: لم يسكن حتى جاء قاتله، فقال: أنا قتلته، فقتل، فسكن.
قوله تعالى: * (ولتعلن علوا كبيرا) * أي: لتعظمن عن الطاعة ولتبغن.
قوله تعالى: * (فإذا جاء وعد أولاهما) * أي: عقوبة أولى المرتين (بعثنا) أي: أرسلنا * (عليكم عبادا لنا) * وفيهم خمسة أقوال: