وروى ابن الأنباري أن سعيد بن المسيب قال: رأى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قوما على منابر، فشق ذلك عليه، وفيه نزل: * (والشجرة الملعونة في القرآن) *، قال: ومعنى قوله: * (إلا فتنة للناس) *:
إلا بلاء للناس. قال ابن الأنباري: فمن ذهب إلى أن الشجرة رجال رآهم النبي [صلى الله عليه وسلم] في منامه يصعدون على المنابر، احتج بأن الشجرة يكنى بها عن المرأة لتأنيثها، وعن الجماعة لاجتماع أغصانها.
قالوا: ووقعت اللعنة بهؤلاء الذين كنى عنهم بالشجرة. قال المفسرون: وفي الآية تقديم و تأخير، تقديره: وما جعلنا الرؤيا والشجرة إلا فتنة للناس.
وفي هذه الشجرة ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها شجرة الزقوم، رواه عكرمة عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، ومسروق، والنخعي، والجمهور. وقال مقاتل: لما ذكر الله تعالى شجرة الزقوم، قال أبو جهل: يا معشر قريش إن محمدا يخوفكم بشجرة الزقوم، ألستم تعلمون أن النار تحرق الشجر، ومحمد يزعم أن النار تنبت الشجر، فهل تدرون ما الزقوم، فقال عبد الله بن الزبعرى: إن الزقوم بلسان بربر: التمر والزبد، فقال أبو جهل: يا جارية ابغينا تمرا وزبدا، فجاءته به، فقال لمن حوله: تزقموا من هذا الذي يخوفكم به محمد، فأنزل الله عز وجل: * (ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا) *: قال ابن قتيبة: كانت فتنتهم بالرؤيا قولهم: كيف يذهب إلى بيت المقدس، ويرجع في ليلة؟! وبالشجرة قولهم: كيف يكون في النار شجرة؟!
وللعلماء في معنى " الملعونة " ثلاثة أقوال:
أحدها: المذمومة، قاله ابن عباس.
والثاني: الملعون آكلها، ذكره الزجاج، وقال: إن لم يكن في القرآن ذكر لعنها، ففيه لعن آكليها; قال: والعرب تقول لكل طعام مكروه وضار: ملعون; فأما قوله [تعالى]: * (في القرآن) * فالمعنى: التي ذكرت في القرآن، وهي مذكورة في قوله: * (إن شجرة الزقوم طعام الأثيم) *.
والثالث: أن معنى " الملعونة ": المبعدة عن منازل أهل الفضل، ذكره ابن الأنباري.
والقول الثاني: أن الشجرة الملعونة هي التي تلتوي على الشجر، يعني: الكشوثى، وهذا مروي عن ابن عباس أيضا.
والثالث: أن الشجرة كناية عن الرجال على ما ذكرنا عن سعيد بن المسيب.
قوله تعالى; * (ونخوفهم) * قال ابن الأنباري: مفعول " نخوفهم " محذوف، تقديره: