والزمن، ذهبوا به إلى بيوت آبائهم وأمهاتهم وبعض من سمى الله عز وجل في هذه الآية، فكان أهل الزمانة يتحرجون من أكل ذلك الطعام لأنه أطعمهم غير مالكه، فنزلت هذه الآية، قاله مجاهد.
والخامس: أنها نزلت في إسقاط الجهاد عن أهل الزمانة المذكورين في الآية، قاله الحسن، وابن يزيد.
فعلى القول الأول يكون معنى الآية: ليس عليكم في الأعمى حرج أن تأكلوا معه، ولا في الأعرج، وتكون " على " بمعنى " في "، ذكره ابن جرير. وكذلك يخرج معنى الآية على كل قول بما يليق به. وقد كان جماعة من المفسرين يذهبون إلى أن آخر الكلام " ولا على المريض حرج " وأن ما بعده مستأنف لا تعلق له به، وهو يقوي قول الحسن، وابن زيد.
قوله تعالى: * (أن تأكلوا من بيوتكم) * فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها بيوت الأولاد.
والثاني: البيوت التي يسكنونها وهم فيها عيال غيرهم، فيكون الخطاب لأهل الرجل وولده وخادمه ومن يشتمل عليه منزله، ونسبا إليهم لأنهم سكانها.
والثالث: أنها بيوتهم، والمراد أكلهم من مال عيالهم وأزواجهم، لأن بيت المرأة كبيت الرجل.
وإنما أباح الأكل من بيوت القرابات المذكورين، لجريان العادة ببذل طعامهم لهم; فإن كان الطعام وراء حرز، لم يجز هتك الحرز.
قوله تعالى: * (أو ما ملكتم مفاتحه) * فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه الوكيل، لا بأس أن يأكل اليسير، وهو معنى قول ابن عباس. وقرأها سعيد بن جبير، وأبو العالية: " ما ملكتم " بضم الميم وتشديد اللام مع كسرها على ما لم يسم فاعله، وفسرها سعيد فقال: يعني القهرمان الذي بيده المفاتيح. وقرأ أنس بن مالك، وقتادة، وابن يعمر: " مفتاحه " بكسر الميم على التوحيد.
والثاني: بيت الإنسان الذي يملكه، وهو معنى قول قتادة.
والثالث: بيوت العبيد، قاله الضحاك.
قوله تعالى: * (أو صديقكم) * قال ابن عباس: نزلت هذه في الحارث بن عمرو، خرج مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] غازيا، وخلف مالك بن زيد على أهله، فلما رجع وجده مجهودا، فقال:
تحرجت أن آكل من طعامك بغير إذنك، فنزلت هذه الآية. وكان الحسن وقتادة يريان الأكل من طعام الصديق بغير استئذان جائزا.