والقول الثاني: أنه التسبيح المعروف، ذكره بعض المفسرين.
قوله تعالى: * (رجال لا تلهيهم) * أي: لا تشغلهم * (تجارة ولا بيع) * قال ابن السائب:
التجار: الجلابون، والباعة: المقيمون. وقال الواقدي: التجارة هاهنا بمعنى الشراء. وفي المراد بذكر الله ثلاثة أقوال:
أحدها: الصلاة المكتوبة، قاله ابن عباس، وعطاء. وروى سالم عن ابن عمر أنه كان في السوق فأقيمت الصلاة، فأغلقوا حوانيتهم ودخلوا المسجد، فقال ابن عمر: فيهم نزلت " رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ".
والثاني: عن القيام بحق الله، قاله قتادة.
والثالث: عن ذكر الله باللسان، ذكره أبو سليمان الدمشقي.
قوله تعالى: * (وإقام الصلاة) * أي: أداؤها لوقتها وإتمامها. فإن قيل: إذا كان المراد بذكر الله الصلاة، فما معنى إعادتها؟ فالجواب: أنه بين أنهم يقيمونها بأدائها في وقتها.
قوله تعالى: * (تتقلب فيه القلوب والأبصار) * في معناه ثلاثة أقوال:
أحدها: أن من كان قلبه مؤمنا بالبعث والنشور، ازداد بصيرة برؤية ما وعد به; ومن كان قلبه على غير ذلك، رأى ما يوقن معه بأمر القيامة، قاله الزجاج.
والثاني: أن القلوب تتقلب بين الطمع في النجاة والخوف من الهلاك، والأبصار تتقلب، تنظر من أين يؤتون كتبهم، أمن قبل اليمين، أم من قبل الشمال؟ وأي ناحية يؤخذ بهم، أذات اليمين، أم ذات الشمال؟ قاله ابن جرير.
والثالث: تتقلب القلوب فتبلغ إلى الحناجر، وتتقلب الأبصار إلى الزرق بعد الكحل والعمى بعد النظر.
قوله تعالى: * (ليجزيهم) * المعنى: يسبحون الله ليجزيهم * (أحسن ما عملوا) * أي:
ليجزيهم بحسناتهم. فأما مساوئهم فلا يجزيهم بها * (ويزيدهم من فضله) * ما لم يستحقوه بأعمالهم * (والله يرزق من يشاء بغير حساب) * قد شرحناه في (آل عمران).