فأما الدري، فقرأ أبو عمرو، والكسائي، وأبان عن عاصم " دري " بكسر الدال وتخفيف الياء ممدودا مهموزا. قال ابن قتيبة: المعنى على هذا: إنه من الكواكب الدراريء، وهي اللاتي يدرأن عليك، أي: يطلعن. وقال الزجاج: هذا مأخوذ من درأ يدرأ: إذا اندفع منقضا فتضاعف نوره، يقال: تدارأ الرجلان: إذا تدافعا. وروى المفضل عن عاصم كسر الدال وتشديد الياء من غير همز ولا مد، وهي قراءة عبد الله بن عمرو، والزهري. وقرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، بضم الدال وكسر الراء وتشديد الياء من غير مد ولا همز، وقرأ عثمان بن عفان، وابن عباس، وعاصم الجحدري: " دريء " بفتح الدال وكسر الراء ممدودا مهموزا. وقرأ أبي بن كعب، وسعيد بن المسيب، وقتادة: بفتح الدال وتشديد الراء والياء من غير مد ولا همز. وقرأ ابن مسعود، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وقتادة، وابن يعمر: بفتح الدال وكسر الراء مهموزا مقصورا. قال الزجاج: الدريء: منسوب إلى أنه كالدر في صفائه وحسنه. وقال الكسائي:
الدريء: يشبه الدر، والدريء: جار، والدرء: يلتمع، وقرأ حمزة، وأبو بكر عن عاصم، والوليد بن عتبة عن ابن عامر: بضم الدال وتخفيف الياء مع إثبات الهمزة والمد، قال الزجاج:
والنحويون أجمعون لا يعرفون الوجه في هذا; وقال الفراء: ليس هذا بجائز في العربية، لأنه ليس في الكلام " فعيل " إلا أعجمي، مثل مريق، وما أشبهه. وقرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي:
المريق: العصفر، أعجمي معرب، وليس في كلامهم اسم على زنة فعيل. قال أبو علي: وقد حكى سيبويه عن أبي الخطاب: كوكب دريء: من الصفات، ومن الأسماء: المريق: العصفر.
قوله تعالى: * (توقد) * قرأ ابن كثير. وأبو عمرو: بالتاء المفتوحة وتشديد القاف ونصب الدال، يريدان المصباح، لأنه هو الذي يوقد. وقرأ نافع، وابن عامر، وحفص عن عاصم:
" يوقد " بالياء مضمومة مع ضم الدال، يريدون المصباح أيضا. وقرأ حمزة والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: " توقد " بضم التاء والدال، يريدون الزجاجة، قال الزجاج: والمقصود: مصباح الزجاجة، فحذف المضاف.
قوله تعالى: * (من شجرة) * أي: من زيت شجرة، فحذف المضاف، يدلك على ذلك قوله تعالى: * (يكاد زيتها يضيء) *; والمراد بالشجرة هاهنا: شجرة الزيتون، وبركتها من وجوه، فإنها تجمع الأدم والدهن والوقود، فيوقد بحطب الزيتون، ويغسل برماده الإبريسم، ويستخرج دهنه أسهل استخراج، ويورق غصنه من أوله إلى آخره. وإنما خصت بالذكر هاهنا دون غيرها، لأن دهنها أصفى وأضوأ.
قوله تعالى: * (لا شرقية ولا غربية) * فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها بين الشجر، فهي خضراء ناعمة لا تصيبها الشمس، قاله أبي بن كعب، ورواه سعيد بن جبير عن ابن عباس.