مع الفطرة الإنسانية السليمة.
وقد وصف القرآن الكريم في هذا المقطع الطريق الذي يراد هداية الإنسان إليه ب (المستقيم)، والاستقامة لفظ محبب لدى الإنسان السليم السوي، وتميل إليه نفسه وتتجاوب معه فطرته، فالقرآن حين يطرح هذا الوصف للسراط يريد أن يشير إلى أن هذا السراط الذي يطلب الإنسان الهداية إليه هو سراط منسجم مع الفطرة الإنسانية ويوصل الإنسان إلى الهدف التكاملي له، وذلك باعتباره مما يدركه الإنسان بالوجدان من أن الاستقامة تتضمن تعبيرا عن أقصر مسافة بين نقطتين، والسراط المستقيم هو أقصر الطرق الموصلة إلى الهدف، فيكون طريق الهداية - إذن - إضافة إلى تجاوبه مع الفطرة السليمة هو أقصر وأقرب الطرق الموصلة إلى الله تعالى.
ونجد هذا الامر - وهو التعامل مع الفطرة - موجودا فيما حدده القرآن الكريم من حدود لهذا السراط المستقيم، إذ جعل حده الأول: * (صراط الذين أنعمت عليهم) *، ومن الواضح أن سير الإنسان في طريق من يكون في موضع النعمة والفضل الإلهي أمر يتفق مع ميوله وفطرته ومحبب إلى نفسه بحد ذاته، حتى مع غض النظر عما يتضمنه هذا الحد من المعاني والمضامين التي بحثت في تفسير هذه الحدود والمفردات.
كما نجد هذا الامر أيضا في حده الثاني والثالث: * (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) *، إذ إن الإنسان يرفض بفطرته فكرة أن يكون طريقه هو طريق من يكون في موضع الغضب والانتقام الإلهي، أو أن يسلك طريق الضلال والضياع والحيرة والخروج عن الجادة.
وبهذا الأسلوب يطرح القرآن الكريم المعاني العقائدية والتربوية بالصيغة