الله تعالى سلبهم العلوم التي تصح معها المعارضة في كل حال تعاطوها (1).
وليس لأحد أن يدعي حصول معارضة مع (2) الاسلام من ظهورها لأن السلطان كالعرب (3) المتحدين (4) بالقرآن دون النبي صلى الله عليه وآله، فلو كان هناك معارضة لوجب بقضية العادة ظهورها في سائر الأقاليم على وجه لا يصح استتارها فيما بعد، لا سيما وسلطان الاسلام لم يظهر حين ظهر وإلى الآن على جميع الكفار، بل كثير من الممالك المخالفة فيه باقية إلى هذا الزمان، فلو كان هناك معارضة لوجب على أقل الأحوال ظهورها في ممالك أهل الخلاف.
وبعد فلو كان هناك معارضة لوجب أن تكون هي الحجة والقرآن هو الشبهة وذلك يوجب في حكمته تعالى توفير الدواعي إلى نقلها وشياعها ليحصل لكل مكلف مدعو إلى الاسلام طريق إلى العلم بها ليفرق بين الدليل (5) والشبهة، وفي عدم الظن بها فضلا عن العلم دليل واضح على عدمها.
وليس لأحد أن يقول: إنما لم يعارضوا لأنهم رأوا أن الحرب أحسم لمادة هذا المدعى. لأن الحرب لا حجة فيها لو اقترنت بالظفر، وفيها عظيم المشقة وكبير الخطر، والمعارضة بعيدة من ذلك وفيها الحجة، والعاقل لا يعدل عن الأسهل وفيه الحجة، إلى الخطر الأعظم مع تعريه منها، وليست قريش وغيرها من عقلاء العرب المتحدين بالقرآن بهذه الصفة من السفه والغفلة.
وبعد فقد كان ينبغي لما حربوا الحرب، فلم يبلغوا بها طائلا بل نهكهم