وإذا كان علمه بالمدعى عليه (1) مقرا أو مشهودا عليه أوله أو حالفا أو محلوفا له موجبا عليه الحكم وإن لم يعلم ذلك أحد سواه ولا يحل له (2) الامتناع لخوف التهمة، فكذلك يجب أن يحكم متى علم صدق المدعي أو المنكر بأحد أسباب العلم من مشاهدة أو تواتر أو نص صادق أو ثبوت عصمة إلى غير ذلك من طرق العلم لعدم الفرق، بل ما توزعنا (3) فيه أولى.
إن قيل: فلو شاهد الإمام أو الحاكم رجلا يزني أو يلوط أو سمعه يقذف غيره أو يطلق زوجته أو يظاهر منها أو يعتق غلامه أو يبيع غيره شيئا أكان يحكم بعلمه أو يبطل ذلك؟
قيل: إن كان ما علمه الإمام عقدا أو إيقاعا شرعيا حكم بعلمه، وإن كان بخلاف ذلك لاختلال بعض الشروط كعلمه بغيره ناطقا بكنايات الطلاق أو صريحه (4) في الحيض أو بغير شهادة، أو ظهار بغير لفظه أو بغير إشهاد أو قصد، أو بيع من غير افتراق إلى غير ذلك، لم يحكم، لفقد ما معه يصح الحكم من صحة العقد أو الايقاع، فأما ما يوجب الحد فإن كان العالم بما يوجب الإمام فعليه الحكم بعلمه، لكونه معصوما مأموما، فإن كان غيره من الحكام الذين يجوز عليهم الكذب لم يجز له الحكم بمقتضاه، لأن إقامة الحد أولا ليست من فرضه، ولأنه بذلك شاهد على غيره بالزنا واللواط وغيرهما وهو واحد، وشهادة الواحد بذلك قذف يوجب الحد وإن كان عالما، يوضح ذلك أنه إذا علم ثلاثة نفر غيرهم زانيا لم يجز لهم الشهادة عليه، فالواحد أحرى أن لا يشهد عليه، وليست هذه حال الإمام المعصوم ولا تنفيذ الأحكام بالعلم على من أمل ذلك.