المؤمنين عليه السلام في قصة الأعرابي والناقة (1) لعلمهما بصدقه صلى الله عليه وآله، مع ما ينضاف إلى ذلك من مشهور إنكار أمير المؤمنين على شريح لما طالبه بالبينة على ما ادعاه في درع طلحة: ويلك خالفت السنة بمطالبة إمام المسلمين بينة وهو مؤتمن على أكثر من ذلك (2)، فأضاف الحكم بالعلم إلى السنة على رؤوس الجميع (3) من الصحابة والتابعين، فلم ينكر عليه منكر، وهذا مع ما تقدم من رسول الله صلى الله عليه وآله برهان واضح على جهل طالب البينة مع العلم وكونه مقدما عليها.
وليس للمخالف فيما نصرناه أن يمنع منه لظنه أن الحكم بالعلم يقتضي تهمة الحاكم به، لأن ذلك رجوع عن مقتضى الأدلة استحسانا ولا شبهة في فساده، على أن ذلك لو منع من الحكم بالعلم لمنع من الحكم بالشهادة والاقرار الماضين، إذا كان الحكم في المجلس الثاني بالاقرار الحاصل في المجلس الأول أو البينة مستندا إلى العلم وإذا لم تمنع التهمة هاهنا من الحكم بالعلم فكذلك هناك.
وبعد فحسن الظن بالحاكم المتقابل (4) الشروط يقتضي الرجوع إلى (5) حكمه بالعلم، ويمنع من تهمته، بالاقرار (6) أو البينة، لولا ذلك لم يستقر له حكم ولم يسمع قوله أقر عندي بكذا أو قامت البينة بكذا أو ثبت عندي كذا أو صح عندي، إلا أن يكون حصول الاقرار والبينة بمحضر من لا يجوز الكذب عليه وهذا يقتضي نقص نظام الأحكام بغير إشكال.