والواجبات على ضروب: منها ما يجب قضاؤه كصلاة الخمس وصوم الشهر، ومنها ما يجب أداؤه كالحج وحقوق الأموال، ومنها ما لا يتلافى بقضاء ولا أداء كصلاة الجمعة والعيدين والفطرة.
فيلزم المفرط في حق الله تعالى التوبة مع الندم والعزم على القضاء والأداء مع الامكان، ولا تصح التوبة من دون ذلك، لأن إصراره على الاخلال بواجب القضاء أو الأداء، يمنع من كونه نادما، فإن عزم على القضاء أو الأداء وشرع في ذلك وبذل الجهد فتوبته ماضية وإن مات قبل أن تبرأ ذمته منهما.
وأما ما لا يتلافى فوته كصلاة الجمعة فحكمه حكم ما فعله من القبائح كالكذب والزنا يكفيه في التوبة الندم والعزم حسب.
ومظالم العباد على ضربين:
أحدهما يصح قبضه واستيفاؤه كالأموال والرباع والحيوان وسائر المملوكات فمن شرط صحة التوبة من ذلك، الخروج إلى المظلوم من عين الظلامة أو بدلها إن كان حيا، وإلى ورثته إن كان ميتا، والاعتذار إليه والرغبة في التحليل مما دخل عليه من غم، وفات من نفع، وينوب مناب إيصالها إسقاط مستحقها.
فإن تعذر ذلك لفقد عين الظلامة وبدلها أو المظلوم، ففرضه على الوجه الأول استحال المظلوم، فإن عفى عن الحق سقطت تبعته، وإن أبى فليعزم على الخروج إليه من الظلامة في أول أحوال الامكان، ويلزمه التقتير على نفسه وعياله وعزل ما يفضل عن حفظ الحياة للمظلوم وعلى الوجه الثاني عزل الظلامة من ماله والعزم على إيصالها إلى مستحقها، والوصية بها إن احتضر دون ذلك، فإن قطع يقينا بانقراض مستحقي الظلامة فهي من جملة الأنفال.
فإذا فعل ما يلزمه من ذلك صحت التوبة وإن لم يفعل لم تصح.
والثاني ما لا يصح قبضه واستيفاؤه وهو على ضروب: