وثالثها عن العلامة في المنتهى والتذكرة.
احتج الأول بأن الطهارة معلومة بالأصل، وشهادة الشاهدين لا تفيد إلا الظن فلا يترك لأجله المعلوم.
واحتج الثاني بأن الشرعيات كلها ظنية، فإن العمل بالمرجوح مع قيام الراجح باطل.
ومن هذين الاحتجاجين يعلم وجه القول الثالث.
ويرد على الأول (أولا) إن اشتراط اليقين إن كان مخصوصا بحكم النجاسة دون ما عداها من حكم الطهارة والحلية والحرمة فهو تحكم محض، وإن كان الحكم في الجميع واحدا فيقين الطهارة ليس إلا عبارة عن عدم العلم بملاقاة النجاسة، وهو أعم من العلم بالعدم، ومثله يقين الحلية.
و (ثانيا) أنه قد ورد في الأخبار كما ستأتيك إن شاء الله تعالى (1) أن مما ينتقل به عن يقين الحلية شهادة الشاهدين بالحرمة، وأن العلم المعتبر ثمة يحصل بذلك.
ومن الظاهر البين أن الحكم في الجميع من باب واحد.
و (ثالثا) أن الظاهر أنه لا خلاف ولا اشكال في أنه لو كان الماء مبيعا فادعى المشتري فيه العيب بكونه نجسا وأقام شاهدين عدلين بذلك. فإنه يتسلط على الرد، وما ذاك إلا لثبوت النجاسة والحكم بها.
ويتوجه على الثاني أن المفهوم من الأخبار أنه لا ينتقل عن يقين الطهارة ويقين الحلية إلا بيقين مثله. وأن مجرد الظن لا يوجب الخروج عن ذلك.
ومما هو صريح في المقام ما ورد في حسنة الحلبي (2) من أنه " إذا احتلم الرجل