الأعمش انه سمع الحجاج بن يوسف على المنبر يقول السورة التي يذكر فيها كذا وانه رد عليه بحديث أبى مسعود قال عياض حديث أبي مسعود حجة في جواز قول سورة البقرة ونحوها وقد اختلف في هذا فأجازه بعضهم وكرهه بعضهم وقال تقول السورة التي تذكر فيها البقرة (قلت) وقد تقدم في أبواب الرمي من كتاب الحج أن إبراهيم النخعي أنكر قول الحجاج لا تقولوا سورة البقرة وفى رواية مسلم أنها سنة وأورد حديث أبي مسعود وأقوى من هذا في الحجة ما أورده المصنف من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم وجاءت فيه أحاديث كثيرة صحيحة من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم قال النووي في الاذكار يجوز أن يقول سورة البقرة إلى أن قال وسورة العنكبوت وكذلك الباقي ولا كراهة في ذلك وقال بعض السلف يكره ذلك والصواب الأول وهو قول الجماهير والأحاديث فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من أن تحصر وكذلك عن الصحابة فمن بعدهم (قلت) وقد جاء فيما يوافق ما ذهب إليه البعض المشار إليه حديث مرفوع عن أنس رفعه لا تقولوا سورة البقرة ولا سورة آل عمران ولا سورة النساء وكذلك القرآن كله أخرجه أبو الحسين بن قانع في فوائده والطبراني في الأوسط وفى سنده عبيس بن ميمون العطار وهو ضعيف وأورده ابن الجوزي في الموضوعات ونقل عن أحمد أنه قال هو حديث منكر (قلت) وقد تقدم في باب تأليف القرآن حديث يزيد الفارسي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ضعوها في السورة التي يذكر فيها كذا قال ابن كثير في تفسيره ولا شك أن ذلك أحوط ولكن استقر الاجماع على الجواز في المصاحف والتفاسير (قلت) وقد تمسك بالاحتياط المذكور جماعة من المفسرين منهم أبو محمد بن أبي حاتم ومن المتقدمين الكلبي وعبد الرزاق ونقله القرطبي في تفسيره عن الحكيم الترمذي أن من حرمة القرآن أن لا يقال سورة كذا كقولك سورة البقرة وسورة النحل وسورة النساء وانما يقال السورة التي يذكر فيها كذا وتعقبه القرطبي بأن حديث أبي مسعود يعارضه ويمكن أن يقال لا معارضة مع امكان الجمع فيكون حديث أبي مسعود ومن وافقه دالا على الجواز وحديث أنس ان ثبت محمول على أنه خلاف الأولى والله أعلم ثم ذكر المصنف في الباب ثلاثة أحاديث تشهد لما ترجم له * أحدها حديث أبي مسعود في الآيتين من آخر سورة البقرة وقد تقدم شرحه قريبا * الثاني حديث عمر سمعت هشام ابن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان وقد تقدم شرحه في باب أنزل القرآن على سبعة أحرف * الثالث حديث عائشة المذكور في الباب قبله وقد تقدم التنبيه عليه * (قوله باب الترتيل في القراءة) أي تبيين حروفها والتأني في أدائها ليكون أدعى إلى فهم معانيها (قوله وقوله تعالى ورتل القرآن ترتيلا) كأنه يشير إلى ما ورد عن السلف في تفسيرها فعند الطبري بسند صحيح عن مجاهد في قوله تعالى ورتل القران قال بعضه اثر بعض على تؤدة وعن قتادة قال بينه بيانا والامر بذلك ان لم يكن للوجوب يكون مستحبا (قوله وقوله تعالى وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث) سيأتي توجيهه (قوله وما يكره أن يهذ كهذ الشعر) كأنه يشير إلى أن استحباب الترتيل لا يستلزم كراهة الاسراع وانما الذي يكره الهذ وهو الاسراع المفرط بحيث يخفى كثير من الحروف أو لا تخرج من مخارجها وقد ذكر في الباب انكار ابن مسعود على من يهذ القراءة كهذ الشعر ودليل جواز الاسراع ما تقدم في أحاديث الأنبياء من حديث أبي هريرة رفعه خفف
(٧٧)