الحرة ومن الزانية نكاح الحر * القول الثالث أن المراد بالمؤمن في هذا الحديث التام الايمان لان من حسن اسلامه وكمل ايمانه اشتغل فكره فيما يصير إليه من الموت وما بعده فيمنعه شدة الخوف وكثرة الفكر والاشفاق على نفسه من استيفاء شهوته كما ورد في حديث لأبي أمامة رفعه من كثر تفكره قل طعمه ومن قل تفكره كثر طعمه وقسا قلبه ويشير إلى ذلك حديث أبي سعيد الصحيح ان هذا المال حلوة خضرة فمن أخذه باشراف نفس كان كالذي يأكل ولا يشبع فدل على أن المراد بالمؤمن من يقتصد في مطعمه وأما الكافر فمن شأنه الشره فيأكل بالنهم كما تأكل البهيمة ولا يأكل بالمصلحة لقيام البنية وقد رد هذا الخطابي وقال قد ذكر عن غير واحد من أفاضل السلف الاكل الكثير فلم يكن ذلك نقصا في ايمانهم * الرابع أن المراد أن المؤمن يسمى الله تعالى عند طعامه وشرابه فلا يشركه الشيطان فيكفيه القليل والكافر لا يسمى فيشركه الشيطان كما تقدم تقريره قبل وفى صحيح مسلم في حديث مرفوع ان الشيطان يستحل الطعام ان لم يذكر اسم الله تعالى عليه * الخامس أن المؤمن يقل حرصه على الطعام فيبارك له فيه وفى مأكله فيشبع من القليل والكافر طامح البصر إلى المأكل كالانعام فلا يشبعه القليل وهذا يمكن ضمه إلى الذي قبله ويجعلان جوابا واحدا مركبا * السادس قال النووي المختار أن المراد أن بعض المؤمنين يأكل في معي واحد وأن أكثر الكفار يأكلون في سبعة أمعاء ولا يلزم أن يكون كل واحد من السبعة مثل معي المؤمن اه ويدل على تفاوت الأمعاء ما ذكره عياض عن أهل التشريح أن أمعاء الانسان سبعة المعدة ثم ثلاثة أمعاء بعدها متصلة بها البواب ثم الصائم ثم الرقيق والثلاثة رقاق ثم الأعور والقولون والمستقيم وكلها غلاظ فيكون المعنى أن الكافر لكونه يأكل بشرهه لا يشبعه الا ملء أمعائه السبعة والمؤمن يشبعه ملء معي واحد ونقل الكرماني عن الأطباء في تسمية الأمعاء السبعة انها المعدة ثم ثلاثة متصلة بها رقاق وهى الاثنا عشري والصائم والقولون ثم ثلاثة غلاظ وهى الفانفى بنون وفاءين أو قافين والمستقيم والعور * السابع قال النووي يحتمل أن يريد بالسبعة في الكافر صفات هي الحرص والشره وطول الأمل والطمع وسوء الطبع والحسد وحب السمن وبالواحد في المؤمن سد خلته * الثامن قال القرطبي شهوات الطعام سبع شهوة الطبع وشهوة النفس وشهوة العين وشهوة الفم وشهوة الاذن وشهوة الانف وشهوة الجوع وهى الضرورية التي يأكل بها المؤمن وأما الكافر فيأكل بالجميع ثم رأيت أصل ما ذكره في كلام القاضي أبى بكر بن العربي ملخصا وهو أن الأمعاء السبعة كناية عن الحواس الخمس والشهوة والحاجة قال العلماء يؤخذ من الحديث الحض على التقلل من الدنيا والحث على الزهد فيها والقناعة بما تيسر منها وقد كان العقلاء في الجاهلية والاسلام يتمدحون بقلة الاكل ويذمون كثرة الاكل كما تقدم في حديث أم زرع أنها قالت في معرض المدح لابن أبي زرع ويشبعه ذراع الجفرة وقال حاتم الطائي - وفانك ان أعطيت بطنك سؤله * وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا - وسيأتى مزيد لهذا في الباب الذي يليه وقال ابن التين قيل إن الناس في الاكل على ثلاث طبقات طائفة تأكل كل مطعوم من حاجة وغير حاجة وهذا فعل أهل الجهل وطائفة تأكل عند
(٤٧١)