الرجل القوم بعهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتأميره له، وقد كان ذلك ولعمرو بن العاص يومئذ فضيلة بصحبة الرسول، وبيعته له، وما صار - لعمر الله! - يومئذ مبعثهم حتى أنف القوم إمرته، وكرهوا تقديمه، وعدوا عليه أفعاله، فقال (صلى الله عليه وآله):
لا جرم معشر المهاجرين لا يعمل عليكم بعد اليوم غيري، فكيف تحتج بالمنسوخ من فعل الرسول في أوكد الاحكام وأولاها بالمجتمع عليه من الصواب؟ أم كيف صاحبت بصاحب تابعا وحولك من لا يؤمن في صحبته، ولا يعتمد في دينه وقرابته، وتتخطاهم إلى مسرف مفتون، تريد أن تلبس الناس شبهة يسعد بها الباقي في دنياه، وتشقى بها في آخرتك، إن هذا لهو الخسران المبين، وأستغفر الله لي ولكم. (1) [255] - 38 - وعنه:
ثم احتجب عن الناس ثلاثة أيام لا يخرج، ثم خرج فأمر المنادي أن ينادي في الناس: أن يجتمعوا لأمر جامع، فاجتمع الناس في المسجد، وقعد هؤلاء (2) حول المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر يزيد وفضله وقراءته القرآن ثم قال: يا أهل المدينة! لقد هممت ببيعة يزيد وما تركت قرية ولا مدرة إلا بعثت إليها في بيعته، فبايع الناس جميعا وسلموا، وأخرت المدينة بيعته، وقلت بيضته وأصله ومن لا أخافهم عليه، وكان الذين أبوا البيعة منهم من كان أجدر أن يصله، والله! لو علمت مكان أحد هو خير للمسلمين من يزيد لبايعت له.
فقام الحسين (عليه السلام) فقال: والله! لقد تركت من هو خير منه أبا وأما ونفسا.
فقال معاوية: كأنك تريد نفسك؟