فقالوا: نريد أن نمكن منهم الأمير عبيد الله بن زياد، فيرى رأيه فيهم!
فقال برير: أفلا ترضون منهم أن يرجعوا إلى المكان الذي أقبلوا منه؟ ويلكم يا أهل الكوفة! أنسيتم كتبكم إليه، وعهودكم التي أعطيتموها من أنفسكم وأشهدتم الله عليها، وكفى بالله شهيدا؟ ويلكم أدعوتم أهل بيت نبيكم، وزعمتم أنكم تقتلون أنفسكم دونهم، حتى إذا أتوكم أسلمتموهم لعبيد الله؟ وحلأتموهم عن ماء الفرات الجاري؟ وهو مبذول يشرب منه اليهود والنصارى والمجوس، وترده الكلاب والخنازير!؟ بئس ما خلفتم محمدا في ذريته! ما لكم لا سقاكم الله يوم القيامة!؟
فبئس القوم أنتم.
فقال له نفر منهم: يا هذا! ما ندري ما تقول؟
فقال برير: الحمد لله الذي زادني فيكم بصيرة، أللهم إني أبرأ إليك من فعال هؤلاء القوم، أللهم ألق بأسهم بينهم، حتى يلقوك وأنت عليهم غضبان، فجعل القوم يرمونه بالسهام، فرجع برير إلى ورائه. (1) خطبته (عليه السلام) وقت الصبح [482] - 265 - وعنه:
وتقدم الحسين (عليه السلام) حتى وقف قبالة القوم، وجعل ينظر إلى صفوفهم كأنهم السيل، ونظر إلى ابن سعد واقفا في صناديد الكوفة.
فقال: الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال، متصرفة بأهلها حالا بعد حال، فالمغرور من غرته والشقي من فتنته، فلا تغرنكم هذه الدنيا،