ثم كتب معاوية بعد ذلك إلى مروان بن الحكم: إني قد كبرت سنى، ودق عظمي، وخشيت الاختلاف على الأمة بعدي، وقد رأيت أن أتخير لهم من يقوم بعدي، وكرهت أن أقطع أمرا دون مشورة من عندك، فأعرض ذلك عليهم، وأعلمني بالذي يردون عليك.
فقام مروان في الناس فأخبرهم به، فقال الناس: أصاب ووفق، وقد أحببنا أن يتخير لنا فلا يألو.
فكتب مروان إلى معاوية بذلك، فأعاد إليه الجواب يذكر يزيد فقام مروان فيهم وقال: إن أمير المؤمنين قد اختار لكم فلم يأل، وقد استخلف ابنه يزيد بعده.
فقام عبد الرحمن بن أبي بكر، فقال: كذبت والله! يا مروان! وكذب معاوية، ما الخيار أردتما لأمة محمد، ولكنكم تريدون أن تجعلوها هرقلية، كلما مات هرقل قام هرقل.
فقال مروان: هذا الذي أنزل الله فيه: (والذي قال لو لديه أف لكما). (1) فسمعت عائشة مقالته فقامت من وراء الحجاب، وقالت: يا مروان، يا مروان!
فأنصت الناس وأقبل مروان بوجهه، فقالت: أنت القائل لعبد الرحمن: إنه نزل فيه القرآن؟ كذبت والله! ما هو به، ولكنه فلان بن فلان، ولكنك أنت فضض من لعنة نبي الله.
وقام الحسين بن علي (عليهما السلام) فأنكر ذلك، وفعل مثله ابن عمر وابن الزبير.
فكتب مروان بذلك إلى معاوية. (2) ولما عزل معاوية مروان لمخالفته استخلاف يزيد واستخلف على المدينة سعيد