أرهب أن أدع أمة محمد (صلى الله عليه وآله) بعدي كالضأن لا راعي لها، وقد استوسق الناس لهذا الأمر غير خمسة نفر من قريش أنت تقودهم، فما إربك إلى الخلاف!
قال: هل لك في أمر يذهب الذم، ويحقن الدم، وتدرك به حاجتك؟
قال: وددت. قال تبرز سريرك، ثم أجيء فأبايعك، على أني أدخل بعدك فيما تجتمع عليه الأمة، فو الله! لو أن الأمة اجتمعت بعدك على عبد حبشي لدخلت فيما تدخل فيه الأمة.
قال: وتفعل؟
قال: نعم، ثم خرج فأتى منزله فأطبق بابه، وجعل الناس يجيئون فلا يأذن لهم.
فأرسل إلى عبد الرحمن بن أبي بكر، وقال: يا ابن أبي بكر! بأية يد ورجل تقدم على معصيتي؟!
قال: أرجو أن يكون ذلك خيرا لي. فقال: والله! لقد هممت أن أقتلك! قال: لو فعلت لأتبعك الله به لعنة في الدنيا وأدخلك به في الآخرة النار.
قال: ولم يذكر ابن عباس! (1) [254] - 37 - ابن قتيبة:
فلما كان صبيحة اليوم الثاني أرسل إلى الحسين بن علي (عليهما السلام) وإلى ابن عباس، فسبق ابن عباس فحادثه مليا حتى أقبل الحسين بن علي [(عليهما السلام)]، فلما رآه معاوية جمع له وسادة كانت عن يمينه فدخل الحسين وسلم، فأشار إليه فأجلسه عن يمينه مكان الوسادة، فسأله معاوية عن حال بني أخيه الحسن وأسنانهم، فأخبره، ثم سكت - ثم ذكر، خطبة معاوية في أمر الخلافة وبيعة ابنه يزيد وذكر فضائله وطلب منه البيعة له - فتيسر ابن عباس للكلام ونصب يده للمخاطبة.