عاصف سوداء مظلمة، ونادى جبرئيل (عليه السلام) بين السماء والأرض بصوت يسمعه كل مستيقظ: تهدمت والله أركان الهدى! وانطمست والله نجوم السماء وأعلام التقى!
وانفصمت والله العروة الوثقى! قتل ابن عم محمد المصطفى، قتل الوصي المجتبى، قتل علي المرتضى، قتل والله سيد الأوصياء! قتله أشقى الأشقياء.
قال: فلما سمعت أم كلثوم نعي جبرئيل (عليه السلام) فلطمت على وجهها وخدها وشقت جيبها وصاحت: وا أبتاه! واعلياه! وامحمداه! واسيداه! ثم أقبلت إلى أخويها الحسن والحسين (عليهما السلام) فأيقظتهما وقالت لهما: لقد قتل أبو كما!
فقاما يبكيان، فقال لها الحسن (عليه السلام): يا أختاه كفي عن البكاء حتى نعرف صحة الخبر كيلا تشمت الأعداء. فخرجا فإذا الناس ينوحون وينادون: وا إماماه! وا أمير المؤمنيناه! قتل والله إمام عابد مجاهد لم يسجد لصنم، كان أشبه الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله)! فلما سمع الحسن والحسين (عليهما السلام) صرخات الناس ناديا: وا أبتاه! وا علياه!
ليت الموت أعدمنا الحياة.
فلما وصلا الجامع ودخلا وجدا أبا جعدة بن هبيرة ومعه جماعة من الناس، وهم يجتهدون أن يقيموا الإمام في المحراب ليصلي بالناس، فلم يطق على النهوض وتأخر عن الصف، وتقدم الحسن (عليه السلام) فصلى بالناس، وأمير المؤمنين (عليه السلام) يصلي إيماء من جلوس، وهو يمسح الدم عن وجهه وكريمه الشريف، يميل تارة ويسكن أخرى. (1) وصية الإمام علي (عليه السلام) [134] - 54 - السيد ابن طاووس: روي عن مولانا وسيدنا موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر الصادق، عن أبيه، عن جده، عن أبيه الحسين بن علي أمير المؤمنين صلوات الله