ثم قال: [يا] أبا عبد الله! إعلم أني ما تركت بلدا إلا وقد بعثت إلى أهله فأخذت عليهم البيعة ليزيد، وإنما أخرت المدينة لأني قلت هم أصله وقومه وعشيرته ومن لا أخافهم عليه، ثم إني بعثت إلى المدينة بعد ذلك فأبى بيعته من لا أعلم أحدا هو أشد بها منهم؛ ولو علمت أن لأمة محمد (صلى الله عليه وآله) خير من ولدي يزيد لما بعثت له.
فقال له الحسين (عليه السلام): مهلا يا معاوية! لا تقل هكذا، فإنك قد تركت من هو خير منه أما وأبا ونفسا.
فقال معاوية: كأنك تريد بذلك نفسك، أبا عبد الله!
فقال الحسين (عليه السلام): فإن أردت نفسي فكان ماذا؟
فقال معاوية: إذا أخبرك أبا عبد الله! أما أمك فخير من أم يزيد، وأما أبو ك فله سابقة وفضل، وقرابته من الرسول (صلى الله عليه وآله) ليست لغيره من الناس، غير أنه قد حاكم أبوه أباك، فقضى الله لأبيه على أبيك، وأما أنت وهو فهو والله! خير لأمة محمد (صلى الله عليه وآله) منك!
فقال الحسين (عليه السلام): من خير لامة محمد؟! يزيد الخمور الفجور!
فقال معاوية: مهلا أبا عبد الله! فإنك لو ذكرت عنده لما ذكر منك إلا حسنا!
فقال الحسين (عليه السلام): إن علم مني ما أعلمه منه أنا فليقل في ما أقول فيه.
فقال له معاوية: أبا عبد الله! انصرف إلى أهلك راشدا، واتق الله في نفسك، واحذر أهل الشام أن يسمعوا منك ما قد سمعته فإنهم أعداؤك وأعداء أبيك.
قال: فانصرف الحسين (عليه السلام) إلى منزله. (1) [257] - 40 - الهيثمي: وفي رواية: عن محمد بن سيرين قال:
لما بايع حج، فمر [معاوية] بالمدينة فخطب الناس، فقال: إنا قد بايعنا يزيد