قال: فقال: صدقت، وكيف لك بالنجاء! إن قدرت على ذلك فأنت في حل.
قال: فأقبلت إلى فرسي، وقد كنت حيث رأيت خيل أصحابنا تعقر، أقبلت بها حتى أدخلتها فسطاطا لأصحابنا بين البيوت، وأقبلت أقاتل معهم راجلا، فقتلت يومئذ بين يدي الحسين (عليه السلام) رجلين، وقطعت يد آخر، وقال لي الحسين (عليه السلام) يومئذ مرارا: لا تشلل، لا يقطع الله يدك، جزاك الله خيرا عن أهل بيت نبيك (صلى الله عليه وآله).
فلما أذن لي استخرجت الفرس من الفسطاط، ثم استويت على متنها، ثم ضربتها حتى إذا قامت على السنابك رميت بها عرض القوم، فأفرجوا لي، واتبعني منهم خمسة عشر رجلا حتى انتهيت إلى شفية، قرية قريبة من شاطئ الفرات، فلما لحقوني عطفت عليهم، فعرفني كثير بن عبد الله الشعبي وأيوب بن مشرح الخيواني وقيس بن عبد الله الصائدي، فقالوا: هذا الضحاك بن عبد الله المشرقي، هذا ابن عمنا، ننشدكم الله لما كففتم عنه!
فقال ثلاثة نفر من بني تميم كانوا معهم: بلى، والله! لنجيبن إخواننا وأهل دعوتنا إلى ما أحبوا من الكف عن صاحبهم.
قال: فلما تابع التميميون أصحابي كف الآخرون، قال: فنجاني الله. (1) دعاؤه (عليه السلام) على تميم بن الحصين [536] - 319 - الصدوق:
ثم برز من عسكر عمر بن سعد رجل آخر يقال له: تميم بن الحصين الفزاري فنادى: يا حسين! ويا أصحاب الحسين! أما ترون إلى ماء الفرات يلوح كأنه بطون الحيات [الحيتان]، والله! لا ذقتم منه قطرة حتى تذوقوا الموت جزعا.