فأخبره بالحال، فدعا ابن سعد برجل من أصحابه يقال له: الأزرق بن حرب الصيداوي، فضم إليه أربعمائة فارس ووجهه نحو حي بني أسد، فبينما أولئك القوم قد أقبلوا يريدون عسكر الحسين (عليه السلام) في جوف الليل، إذا استقبلهم خيل ابن سعد على شاطئ الفرات، وبينهم وبين عسكر الحسين (عليه السلام) اليسير، فناوش القوم بعضهم بعضا، واقتتلوا قتالا شديدا، وصاح حبيب بن مظاهر الأسدي بالأزرق: ويلك مالك ومالنا انصرف عنا، ودعنا يشقى بنا غيرك! فأبى الأزرق أن يرجع، وعلمت بنو أسد أنه لا طاقة لهم بالقوم، فانهزموا راجعين إلى حيهم، ثم إنهم ارتحلوا في جوف الليل خوفا من ابن سعد أن يبيتهم، ورجع حبيب بن مظاهر إلى الحسين (عليه السلام) فخبره بذلك، فقال (عليه السلام): لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. (1) دعاؤه (عليه السلام) على عبد الله بن حصين [438] - 221 - الطبري: قال أبو مخنف: حدثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم الأزدي، قال:
جاء من عبيد الله بن زياد كتاب إلى عمر بن سعد: أما بعد، فحل بين الحسين وأصحابه وبين الماء، ولا يذوقوا منه قطرة! كما صنع بالتقي الزكي المظلوم أمير المؤمنين عثمان بن عفان.
فبعث عمر بن سعد عمرو بن الحجاج على خمسمائة فارس، فنزلوا على الشريعة، وحالوا بين حسين (عليه السلام) وأصحابه وبين الماء أن يسقوا منه قطرة، وذلك قبل قتل الحسين (عليه السلام) بثلاث، ونازله عبد الله بن أبي حصين الأزدي - وعداده في بجيلة - فقال: يا حسين! ألا تنظر إلى الماء كأنه كبد السماء، والله! لا تذوق منه قطرة حتى