فأشار إليه الحسين (عليه السلام)، وقال: على رسلك، فأنا المراد، ونصيبي في التهمة أوفر، فأمسك ابن عباس، فقام الحسين (عليه السلام) فحمد الله وصلى على الرسول ثم قال:
أما بعد، يا معاوية! فلن يؤدي القائل وإن أطنب في صفة الرسول (صلى الله عليه وآله) من جميع جزءا، وقد فهمت ما لبست به الخلف بعد رسول الله من إيجاز الصفة والتنكب عن استبلاغ البيعة، وهيهات هيهات يا معاوية! فضح الصبح فحمة الدجى، وبهرت الشمس أنوار السرج، ولقد فضلت حتى أفرطت، وأستأثرت حتى أجحفت، ومنعت حتى محلت، وجزت حتى جاوزت، ما بذلت لذي حق من إسم حقه بنصيب حتى أخذ الشيطان حظه الأوفر، ونصيبه الأكمل، وفهمت ما ذكرته عن يزيد من اكتماله وسياسته لامة محمد، تريد أن توهم الناس في يزيد، كأنك تصف محجوبا، أو تنعت غائبا، أو تخبر عما كان مما احتويته بعلم خاص، وقد دل يزيد من نفسه على موقع رأيه، فخذ ليزيد فيما أخذ به من استقرائه الكلاب المهارشة عند التحارش، والحمام السبق لأترابهن، والقيان ذوات المعازف، وضرب الملاهي، تجده باصرا، ودع عنك ما تحاول.
فما أغناك أن تلقى الله من وزر هذا الخلق بأكثر مما أنت لاقيه، فوالله!
ما برحت تقدح باطلا في جور، وحنقا في ظلم، حتى ملأت الأسقية، وما بينك وبين الموت إلا غمضة، فتقدم على عمل محفوظ في يوم مشهود، ولات حين مناص، ورأيتك عرضت بنا بعد هذا الأمر، ومنعتنا عن آبائنا تراثا، ولقد لعمر الله! أورثنا الرسول (صلى الله عليه وآله) ولادة، وجئت لنا بها ما حججتم به القائم عند موت الرسول، فأذعن للحجة بذلك، ورده الايمان إلى النصف، فركبتم الأعاليل، وفعلتم الأفاعيل، وقلتم: كان ويكون، حتى أتاك الأمر يا معاوية!
من طريق كان قصدها لغيرك، فهناك فاعتبروا يا أولى الابصار، وذكرت قيادة