ألا يرى أنه لا يقال: إن الأول فسخ للثاني، ولو صح يلزم أن يكون الأول فسخا للثاني. وأيضا الذي يفهم من الفسخ في مقابلة الدين أن يكون إذن المرتهن استثناء لجزء من المرهون لدين المرتهن الثاني.
وعلى القول المذكور كل واحد من الرهنين يكون فسخا للآخر، مع أن جعل الرهن الأول فسخا للثاني مستبعد، ولو صح يكون هذا قولا رابعا.
ثم إن هذا الكلام إنما يصح لو اجتمع الرهنان، كما اجتمع الدعويان في صورة التنظير المذكور، مع أن الرهن الأولى يقتضي التقديم والاختصاص، فحينئذ يأبى عن جمعه مع الثاني إلا بالاستثناء كما قلنا، فلهذا يسمى فسخا فيما يقابل الدين، وإلا فالتقسيط لا يسمى فسخا.
قال صاحب الايضاح في بيان المذاهب الثلاثة: أما وجه أن الرهن الثاني فسخ للأول مطلقا: فهو أن الرهن يقتضي اختصاص المرتهن وتقدمة. وهذا لا يمكن جمعه مع الرهن الثاني، لأن تقدم كل واحد من المرتهنين واختصاصه محال، فبطل الرهن الأول.
وأما وجه الفسخ بما قابل الدين: فهو أن المقصود استيفاء الدين، وهو ممكن هنا فلا منافاة ولا مزاحمة.
وأما وجه الثالث، وهو عدم الفسخ لا مطلقا ولا فيما قابل الدين، لأن الرهن الثاني لا يدل على بطلان الأول لا مطابقة ولا تضمنا ولا التزاما، إذ لا مانع من تعلق دينين بعين واحدة وتقدم أحدهما على الآخر، وتكون الفائدة في أنه لو قضي المرتهن الثاني حقه بقي حق المرتهن الأول، وكذا لو أسقط [الثاني] حقه هذه عبارة الايضاح.
ولو صح أن الرهن يقتضي التقدم والاختصاص، لا شك أنه لا يجتمع