المذكور في كلام المتكلمين كأفضل المحققين في تجريده من دليل الحدوث مخصوص بحدوث الماديات.
اعلم أن الاهتمام بهذه المسألة إنما هو لاثبات القدرة الذي يتوقف عليه النبوة ومسألة الاختيار، قد ثبت باتفاق المتكلم والحكيم، كيف لا ومن جوز أن يكون الواجب تعالى مؤثرا في العالم كالنار في الاحراق وسائل الجمادات فهو أنقص من الجماد، نعم وقع الخلاف بين المتكلم والحكيم في الاختيار لا بمعنى إنشاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل، بل في أن مقدم أي الشرطيتين واقع في الأزل.
فالحكيم بأنه تعالى شاء في الأزل وفعل فردا من العالم، المتكلم قال: لم يشأ لم يفعل، فكما أن قول الأشاعرة بوجود الصفات التي داخلة في الحقيقة في الممكن لم يضر في اثبات الشرع والدين كذا ما قاله الحكيم، بل قول الحكيم أقرب، لأن ايجاد الصفات على مذهب السنة لا يمكن إلا بطريق تؤثر الحكيم أقرب، لأن ايجاد الصفات على مذهب السنة لا يمكن إلا بطريق تؤثر النار في الاحراق.
نعم إن كان ما نقل عن الحكماء من أن الله تعالى خلق العقل الأول فقط وليس له دخل في باقي العالم، صحيحا، يبقى كلامهم بعيدا عن ذلك، لكن هذا افتراء كما حققه المحقق الطوسي قدس سره في شرح الإشارات.
والمتكلمون لما وجدوا هذه الشنعة غنيمة شهروها وأوردوها في كتبهم، فالمحققون أثبتوا في تصانيفهم حدوث العالم المادي وأحالوا قسم المجرد إلى النقل، فإنه يثبت بعد اثباته الشرع حدوث العالم مطلقا. وما أفيد في الرسالة المرسلة في بيان حدوث العالم بجميع أفراده، هو أنه لو تحقق فيما بين الممكنات قديم زماني يكون تأثير المؤثر فيه دائما باعتبار البقاء، إذ علة الحاجة هو الامكان، وهو مستمر ولا شك أن التأثير في البقاء في الزمان الثاني لم يكن حاصلا في الزمان