لعدم الجواز، وجعل تقدم الشئ على نفسه مسمى بالدور أحسن، وإن لم يكن في هذا المقام لتأويل الدور إلى المعنى المجازي حسنا، لأن الدور بمعناه الحقيقي كما بينا.
ويمكن بوجوه أخر بيان الدور تركناها، لكن نقول على ما حررنا: لا نحتاج إلى حصر المقتضي في الجواز، بل يكفي الاقتضاء في استلزام الشئ لنقيضه، فلا يكون المنع الذي أورد في الرسالة ضارا، بل منع مقدمات الدليل نافع على سياف المصنف، فلنتكلم في مقدمات بيان الدور المذكور في الايضاح:
أما المقدمة الأولى: وهي تحريم السفر موقوف على وجوب القصر، إن أريد بها أن تحريم السفر في الواقع موقوف على وجوب القصر المتحقق في الواقع، فممنوع.
وإن أريد أن حكم الحاكم بتحريم السفر منوط على وجوب القصر كما قالوا إن علل الشرع معرفات، لو سلم فلا يتحقق الدور، إذ لا يمكن اثبات التوقف باعتبار العلم في جميع المراتب.
أما المقدمة الثالثة: وهو قوله: الإباحة موقوفة على عدم الاخلال، فممنوع، إذ الإباحة لو حملت على ظاهرها لا تصح، لأن الإباحة المقابلة للأحكام الأربعة لا تتوقف على عدم اخلال النذر، إذ وجوب السفر واستحبابه وكراهته موجبات للافطار المستلزم للاخلال، فالمراد عدم الحرمة موقوف على عدم الاخلال، هو ممنوع، إذ يلزم بناء على أن الرفع علة للرفع أن يكون الاخلال عليه للحرمة، مع أن النذر علة للحرمة.
أما المقدمة الرابعة: وهي قوله: عدم اخلال النذر موقوف على وجوب الاتمام، ممنوع، إذ عدم الاخلال أزلي لا يتوقف على وجوب الاتمام، إذ الوجوب حادث عند الإمامية. إلا أن يراد بعدم الاخلال: عدم مخالفته النذر بعد انعقاده فهو حادث، لكن حينئذ يظهر منع المقدمة الرابعة، إذ وجوب