تفصيله: أن المصنف قدس سره ذهب إلى أقربية انعقاد النذر في المسألة المذكورة على ما يجئ، لكن لا بد أن يعلم أن في انعقاد النذر المذكور في صورة يتحقق وجوب الصوم في رمضان خلافا لا في محل التحريم الذي هو كون المكلف في الشهر المذكور في السفر، فإن الصوم في الصورة المذكورة حرام، والنذر لا ينعقد في الحرام اجماعا إنما الخلاف في صورة الوجوب والإباحة، واختار المصنف الانعقاد لكن لا في صورة تحريم الصوم وهو حال السفر، فلا ينعقد النذر المذكور اتفاقا حال السفر.
إن قيل: إن نذر الصوم لا ينعقد في شهر رمضان في السفر وليس كلامنا فيه، إنما كلامنا في انعقاد النذر في غير شهر رمضان، بحيث لا يبقى لقضاء ما أفطر الناذر المسافر في شهر رمضان وقت، فلا يجوز له السفر لا لأنه انعقد النذر بالنسبة إلى شهر رمضان في السفر، بل لأنه انعقد النذر في جميع وقت يمكن فيه قضاء ما أفطر في شهر رمضان.
قلت: لا نسلم استغراق النذر لجميع أوقات يمكن فيها القضاء، بل أيام القضاء مستثنى، فدعوى انعقاد النذر في الدليل يقرب إلى المصادرة، وكذا دعوى بطلان اخلال النذر بالمعنى الذي أشرنا إليه، لكن هذا يخرج الدليل الأول عن المعارضة.
أما الأمر الثالث: وهو بيان الدور، فقد يثبت ذلك بوجوه:
الأول: إن جواز الافطار علة لتحريم السفر، وتحريم السفر علة عدم جواز الافطار، وعدم جواز الافطار علة عدم تحريم السفر، وعدم تحريم السفر علة جواز الافطار، فيلزم تقدم جواز الافطار على نفسه بمراتب.
بيان المقدمات: أما الأولى والثانية فقد مر.
وأما الثالثة، فلأن الجواز إذا كان علة لتحريم السفر، يكون عدم جواز الافطار علة لعدم التحريم، بناء على أن عدم العلة علة لعدم المعلول.