الأخرى عن القوة.
الثالث: بيان الدور.
الرابع: أن نبين احتمال ضعف بيان الدور، فإن الدور لو كان ثابتا لا وجه للأقربية بل يكون صوابا، إلا أن يكون الدليل المعارض غير مدخول، وليس كذلك، اللهم إلا أن يقال في نظر العلامة لم يكن مدخولا.
فإذا علمت ذلك فنقول: أما الأمر الأول: وهو أن هنا دليلان، فالدليل الأول على أن السفر في الصورة المذكورة حرام، لأن هنا مسألة مقررة: هي أن كل سفر جائز يجوز فيه الافطار، فإذا جاز السفر المذكور يلزم جواز الافطار المستلزم لا خلال النذر المحرم، وما يستلزم الحرام حرام، فالسفر حرام.
والدليل الثاني على أن السفر في هذه الصورة جائز: هو أن السفر المذكور لو كان حراما، يكون بناء على أن جواز السفر يكون سببا للافطار بانعقاد النذر، فإذا كان جواز الافطار علة لتحريم السفر، وتحريم السفر سبب لعدم جواز الافطار، فيلزم من رفع السبب الذي هو الجواز عدم تحريم السفر، فيلزم من التحريم عدم الحريم، وهو المطلوب.
أو يقال بلزوم الخلف، وهو اجتماع التحريم وعدم التحريم، أو الجواز وعدم الجواز المستلزم للتناقض المحال.
وأما الأمر الثاني: وهو بيان قوة الدليل الثاني أو تقويته، فلأن الأصل الجواز، فيقوى الدليل الثاني بأصالة حل السفر. هذا بيان التقوية.
ويمكن بيان القوة بأن يقال: إن قول المستدل إن جواز الافطار مستلزم لاخلال النذر ممنوع، لأن الاخلال ظاهره أن يفقد النذر ثم يحمل بغير مقتضاه، والجواز لا يستلزم ذلك، فإن أريد بالاخلال عدم انعقاد النذر، فحينئذ يبقى كلامه ظاهر الاختلال، إذ عدم الانعقاد ليس بحرام.
ويمكن أن يقال: إن النزاع يرجع حقيقة إلى انعقاد النذر وعدم انعقاده.