المتكلمون فإما معتزلة، وانتسابهم إليه ظاهر، وذلك أن المباحث المتعلقة بأصول الفقه والمسائل الفقهية وكثير من ظواهر الشريعة موافقة لأصول المعتزلة وقواعدهم في اثبات الحسن والقبح العقليين في أفعاله تعالى وبنائهم على ذلك استحالة التكليف بالمحال وغير ذلك مما هو مسطور في كتبهم وأكثر أصول المعتزلة مأخوذ من ظواهر كلامه عليه السلام في التوحيد والعدل وان كانت لها أسرار أخرى، واما أشعرية ومعلوم ان أستاذهم أبو الحسن الأشعري وهو تلميذ أبى على الجبائي وهو منتسب إلى أمير المؤمنين عليه السلام الا ان أبا الحسن تنبهه لما وراء أذهان المعتزلة وطالع كتب الحكمة فخالف أستاذه في مواضع تعلمها (1) من مذهبه وعبر عنها بعبارات توافق ظاهر الشريعة وزعم بذلك انه عند (2) المتكلمين وليس معهم الا اسمه. واما الشيعة فانتسابهم إليه ظاهر، واما الخوارج وان كانوا على غاية من البعد عنه الا انهم ينتسبون إلى مشايخهم وهم كانوا تلامذة علي عليه السلام. وأما المفسرون فرئيسهم ابن عباس رضي الله عنه وقد كان تلميذا لعلى عليه السلام. وأما الفقهاء فأكابرهم كانوا يأخذون عنه الاحكام وتذكر ما قال عمر غير مرة حيث يقع في المسائل المشكلة فيفرج عنه: لولا على لهلك عمر، وكونه أفضل الأمة في ذلك ظاهر ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أقضاكم على، والأقضى لابد وأن يكون أفقه واعلم بقواعد الفقه وأصوله. وقال عليه السلام: لو كسرت (3) لي الوسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم، وبين أهل الزبور بزبورهم، وبين أهل الفرقان بفرقانهم، والله ما من آية نزلت في بر أو بحر أو سهل أو جبل ولا سماء ولا أرض ولا ليل ولا نهار الا أنا أعلم فيمن نزلت وفى أي شئ نزلت، وذلك يدل على كمال علمه بالأحكام وعدم نظير له في ذلك. واما الفصحاء فمعلوم ان جميع من ينسب إلى الفصاحة بعده يملأون أوعية أذهانهم من ألفاظه ويضمنونها (4) كلماتهم وخطبهم ليكون
(٢١٨)