ذلك المعنى المضمر والمتكلم غافل عن ذلك الايماء وغير عالم بكيفية التنبيه من ذلك الكلام على مضمره والسامع ذو حدس قوى فيقع له الاطلاع على ذلك المضمر مع شدة الاعتناء بستره.
الثاني - صفحات الوجه وذلك إشارة إلى القرائن والامارات المستلزمة لاظهار المكتوم كما يدل تقطيب الوجه والعبوس والاعراض عن الشئ من معتاد البشاشة على بغض (1) ذلك الشئ، وانبساط الوجه والفرح به والاقبال عليه على محبته، وكما تدل الصفرة العارضة للوجه حال نزول الامر المخوف على اضمار الوجل، والحمرة العارضة عند نزول أسبابها كمشافهة من يتستر من فعل القبيح على حال فعله ومواجهته به على الخجل، وكدلالة عرق الوجه وغض الطرف على الحياء، وكدلالة الملاحظة بالبصر على وجه مخصوص على العداوة، وعلى كثير من الأمور النفسانية وأمثال ذلك من القرائن التي تكاد لا تتناهى، فهذه الأمور وأمثالها وان اجتهد في اخفائها فلابد وان تلوح من السببين المذكورين.
وفى هذه الكلمة تنبيه للعاقل على أنه لا ينبغي ان يضمر من الأمور الا ما لو اطلع عليه منه لما كان مستقبحا في العرف ولما نفر طبعه من المواجهة به فإنه ان اضمر أمرا يستقبحه الخلق ويستنكر فيما بينهم لو اطلعوا عليه ولابد من الاطلاع عليه للأسباب المذكورة لم يسلم (2) من الافتضاح وكان وقته مشغولا بالقبيح اما في مدة اضماره وستره فبالمحافظة عليه واشتغال النفس به عن السعي في مصالحها الكلية الذاتية، واما بعد ظهوره فبمعاناة الخلاص من عاره والتألم من المواجهة به والندم والتأسف على ايقاع (3) ما استلزم اظهار ذلك والجزع الذي لا يجدى نفعا ولا يعود بطائل، وكل ذلك منهى