الامل تشبيها له بالفارس المطلق عنان فرسه، والعثور إلى الاجل تشبيها له بما يعثر به الانسان من حجر أو خشب، وكل هذه تجوزات حسنة في الاسناد لطيفة المشابهة، فان حركة القوة الشهوية إلى المشتهيات (1) لاعتقاد حصولها تشبه جرى الفرس، وكون النفس هي المستعملة لتلك (2) القوة والمصرفة (3) لها يشبه الركوب للفرس، الا ان هذه القوة فرس عقلية، وقدرة النفس على ضبط تلك القوة مع عدم ضبطها مشبه لاطلاق عنان الفرس ونسبه الجرى إليه نسبة صادقة فان الفارس تنسب إليه الحركة والجرى وان كانت نسبة عرضية والحركة الذاتية للفرس كذلك الجاري في عنان امله تنسب إليه الحركة الا انها لقوته الشهوية بالذات ولقوته العقلية بالعرض، وكون الجاري في عنان الامل واقعا في الضرورة المذكورة التي لا بد منها يشبه وقوف (4) رجل (5) الجاري في حجر أو خشب يقع بسببه المسمى ذلك عثارا إذ (6) كانا معا مستلزمان لأذى من يقع فيه، وبعد معرفتك بهذه التجوزات وحسن وجوهها تجد المعنى من هذه الكلمة ظاهرا.
واما تخصيص هذا الحكم الذي هو غاية كل انسان بل كل حيوان بمن جرى في عنان امله دون غيره ممن يستقصر الآمال ويستصغر الدنيا فليس لأجل ان من استقصر الامل خارج عن هذا الحكم بل لتنبيه مطيل الامل الغافل بسبب ذلك عما يراد به وما هو مطلوب من وجوده وايقاظه من رقدة الغافلين على أن المطلوب منه ليس ما يخوض فيه بالجري في (7) التماس أمثاله فان ذلك لابد من زواله والعثور بضرورة الموت اللازمة للحيوان فينبغي ان يجرى الامل على القانون العدلي المطلوب بلسان التنزيل الإلهي والسنن النبوية ويجعل الحظ الأوفر من الالتفات لما وراءه من تحصيل السعادات الباقية والخيرات الدائمة، والله يؤتى كل ذي استعداد من الفضل أتمه، وهو الموفق.