عن الهوى (1) فخوفه ما عداه، ونهيه لنفسه قهره لقواه، حتى إذا تخلى عن هذه الموانع لبه تجلى (2) حينئذ بنور قدس الحق قلبه.
لا يقال: لا نسلم أن هذا هو الاسلام فانا نعلم بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وآله كان يحكم باسلام من أظهر الشهادتين وعمل بالأركان وان لم يكن له شئ مما ذكرتم فان واحدا من الاجلاف الجافين (3) من الاعراب الذين (4) يقدمون ويظهرون الاسلام لا يتصور (5) شيئا مما ذكرتموه. وأيضا فلو كان الاسلام هو الذي ذكرتموه لما كان في الخلق مسلم الا افرادهم وذلك باطل بالاتفاق لأنا نقول: الاسلام له معنيان ظاهري وحقيقي والذي ذكرناه وبحثناه إنما هو الحقيقي والذي ذكرته هو الاسلام الظاهري ولا شك فيه وفى تسمية صاحبه مسلما الا ان قول الاسلام عليهما بحسب الاشتراك اللفظي لتباين المعنيين فصاحب الاسلام الظاهري وان سمى مسلما الا ان اسلامه غير منتفع به وليس اسلامه ذاك هو الذي لاشرف أعلى منه قال صلى الله عليه آله: ان الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أعمالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم، الا انه لما كان مظنة أن يكون وسيلة الاسلام الحقيقي وطريقا إليه وجب اتخاذه (6) والمشاركة بين صاحبه وبين المسلم الحقيقي في الاسم والحكم، قال (ص): الرياء قنطرة الاخلاص. وقال (ص): من رتع حول الحمى أوشك ان يقع فيه، فلا منافاة إذا بين القولين.
وإذ عرفت ذلك ظهر لك ان شرف الاسلام أكمل أنواع الشرف فان الشرف الحقيقي للانسان إنما هو كمال جوهر نفسه وصيرورته عقلا مستفادا الذي هو الاسلام الحق لا الكمال الوهمي من مال أو جاه أو انتساب إلى كرم أصل فإنك قد عرفت ان الفخر والشرف بأمثال ذلك مما لا ينبغي ان يعتد به لفقد الكمال في المفتخر والمتشرف وخلوه منه وذلك سر قوله عليه السلام: لا شرف أعلى من الاسلام، والله ولى التوفيق.