ان موجدك قد أعطاك قدرة وعقلا وأمرك بفعل هو ممكن في نفسه وبالنسبة إلى ذهنك هو ممكن أيضا لك فالتكليف وارد عليك بحسب ذلك لا بحسب ما في علمه وان عقاب الانسان على خطيئة وهي الحركات التي لا تنبغي (1) منه المنسوبة إليه ظاهرا وفى اعتقاده الجازم بالقدرة عليها فيم يعد (2) جوهر نفسه لتمكن الملكات الردية منها ورسوخها فيها أمر لازم جوهرها وهي نار الله الموقدة * التي تطلع على الأفئدة (3) وكذلك ما يتبعها من دوام التعذيب بها (4) وأنت بالنظر إلى نفسك معتقد جازم بأنك قادر على تدبير الخلاص من تلك الهيئات الردية بالسعي في اكتساب أضدادها، وعلى ان لا تعرض لنفسك بالكلية.
واما نسبتك ذلك إلى القدر فذلك ليس من تكليفك (5) على أن الشرور الواقعة بك ليس إليها (6) قصد ذاتي بالفضائل من حيث إنه لا يمكن بز (7) الخير الموجود فيك منها والا لما كنت أنت أنت. فان خطر ببالك ما يقال: ان العقاب على الأمور الواجبة ظلم وقبيح يجب تنزيه الله تعالى عنه فاعلم أن حديث الظلم وقبحه والعدل وحسنه آراء محمودة سبب شهرتها وحدنها (8) من جمهور الخلق اشتمالها على مصالحهم وانتظام أمورهم دون أن تكون بديهية (9) فإذا بناء احكام الله تعالى عليها غير لازم ولا مستقيم.