ما يتكلم إلى الحد الذي هو رذيلة من القول الكاذب والسخيف والهذر والموذى وغير ذلك مما لا يقتضى مصلحة ولا يصدر عن ترو وتثبت وإنما يصدر عن عدم رصانة - العقل وقلة عقليته (1) لما ينبغي ان يوضح عليه الكلام من الوجوه المصلحية فسكت عن الكلام إذ (2) كان محصلا بذلك السلامة في الدارين والسلامة إحدى (3) الغنيمتين اما في الأولى فلان كثيرا ممن كان يدعى كمال العقل وينسب إلى تمام الفضل أشرقت على نفوسهم شموس القدس فتبجحوا بزينة الحق في ذواتهم فأطلقوا القوى المحركة فباحوا (4) بأسرارهم في ألفاظ ورموز نبت عنها افهام العوام واعتقدوا مخالفتها لظاهر الشريعة فأصبحوا حصائد ألسنتهم وقتلى كلماتهم ولو لزموا السكوت ولم يهتكوا أستار تلك الاسرار لما أصابهم ما أصابهم، وإذا كان حال أصحاب العقل والاسرار الإلهية كذلك فما ظنك بالباقين من العوام ومن لم يؤدب بالآداب الشرعية ولم تلين (5) عريكته التجارب الصلاحية فحق لأولئك وأمثالهم (6) ان لا يفوهوا بحرف واحد إذ كان أكثر كلامهم يصدر عن غير روية وإن كان فعن روية فاسدة، واما في الأخرى فلان الساكت عما ذكرناه من الكلام الساقط عن درجة الاعتبار سالم بسكوته عن اكتساب الملكات الردية والهيئات المنقصة (7) بالتمرين على ذلك الكلام والتعود باجرائه (8) والمحاورة (9) به خالص (10) عن التعذيب بها في الآخرة. وقد تطابقت كلمة النبيين و
(١٤٦)