مخصوص مجاز من باب اطلاق العام على الخاص، والغيبة تنقسم إلى ما يكون بالكذب والى ما يكون بالصدق، وعلى التقديرين فاما أن يكون بما لو فعله المغتاب لخرج به عن ربقة الدين، أو لا يكون فهذه أربعة أقسام: الأول الغيبة الكاذبة بما يخرج به المغتاب عن الدين، الثاني الغيبة الكاذبة بما لا يكون كذلك، والثالث الغيبة الصادقة بما لا يخرج به عن الدين، الرابع الغيبة الصادقة بما يخرج به عنه، والثلاثة الأول مذمومة ملعون من اشتغل بها، اما الأولان فلاشتمالهما على الكذب الموذي الموجب لتلطخ النفس بملكة الكذب، واما الثالث فلكونه مع خلوه عن الفائدة اشتغالا بما لا يعنى ومستلزما لأذى الغير المؤدى إلى التنافر (1) والتباين والتباغض المضاد لمطلوب الله تعالى كما بيناه. واما القسم الرابع فهو وإن كان مذموما من جهة انه اشتغال بما لا يعنى لكثير من الخلق الا ان الشريعة قد رخصت فيه لاشتماله في بعض الأحوال على نوع من المصلحة قال عليه - السلام: لا غيبة لفاسق، ووجه تلك المصلحة ان الغالب في صاحب الفعل القبيح الذي ينفر طبعه عن المواجهة به ان يبلغه (2) ما يقال من القبيح في حقه وما ينشر بين العالم من مطوى سره الذي يستحى ويأنف من ابدائه واظهاره ويلحقه بسببه الذم والعار عاجلا والحسرة والعقاب اجلا فيتقهقر بنفرته الطبيعية عن ارتكاب ذلك القبيح ويبدله بضده المليح فيكون ذلك سببا داعيا له إلى الله تعالى، ومن لا يجب داعى الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين (3) إذا (4) عرفت ذلك فاعلم أن المقصود من هذه الكلمة بيان ان الأحكام المذكورة اللاحقة للمغتاب من الأقسام الثلاثة الأول للغيبة كما انها لاحقة له فهي أيضا لاحقة للمستمع لها عن رضى ومساعدة، إذ هما مشتركان في الرضا ومتكيفا الذهن بالتصورات المذمومة التي لا تنبغي وان اختلفا في أن أحدهما قائل والاخر قابل لكن كل واحد منهما صاحب آلة اما أحدهما فذو لسان
(١٥٧)