لأوامر الشريعة وحثها على ذلك، وقد يكون أعم من الانتفاع كصدور (1) الاحسان من العناية الإلهية على المستعدين.
واما سبب ذلك الانقياد وتحقق الاستعباد فلادراك النافع اللذينت وانبعاث القوة الشهوية الطالبة لادراك الملائم من ذلك النافع وتصور ان ذلك الخضوع والتذلل مما يؤكد تحققه أو توقع زيادة احسان أو يكون جزاء لذلك البر والاحسان أو أمر أعم من ذلك كخضوع العارفين اطلاعا على عظمة الحق الأول وكبريائه وإنما خص الحر ههنا بالذكر لان الحر الذي يأنف من الاسترقاق ويشمئز من نسبته إلى العبودية لاحد إذا كان بالبر يستعبد الحر فغيره يكون أولى بذلك وذلك من باب الايجاز الجزيل، ويمكن ان يحمل الحر ههنا على صاحب فضيلة الحرية حينئذ يحتمل تخصيصه بالذكر وجها اخر وهو ان من اشتمل سره على فضيلة الحرية وأسدى إليه بر فإنه لا بد أن يعترف به ويلمح ان ذلك البر غير مقابل منه بجزاء فيذل ويخضع وينفعل عنه بحيث يتحقق معنى العبودية في حقه وذلك بخلاف من ليست فيه هذه الفضيلة إذ كان قد يأخذ المال من غير وجهه فلو أسدى إليه معروف جاز ان لا يعترف له بجزاء فلا يكون منه خضوع ولا يتحقق في حقه استعباد فيكون الحر بهذا المعنى أخص من الأول من وجه وأعم منه من وجه، اما انه أخص، فلان الحر بالمعنى الأول قد يكون له فضيلة الحرية وقد لا يكون، واما انه أعم فلان من له فضيلة الحرية قد يكون رقا وقد لا يكون.
وفى هذه الكلمة تنبيه على حسن البر وحث لأنه لما كان تعود (2) البر مما يصرف عن محبة المال ويكسر حدة القوة الشهوية في طلبه واقتنائه ويستلزم (3) فضيلة الكرم وكثيرا (4) من الفضائل التي تحت ملكة العفة مع ما فيه من أنواع الخيرات كاستنزال الرحمة والبركات (5) على صاحبه من اجتماع همم الخلق المبرورين وكان كثير أذهان أصحاب البر وأهل