توافقت كلمة الحكماء الراسخين على مدح السكوت حذرا من التكلم بما لا يجدى نفعا ولا - يعود على قائله بخير وحثوا على لزومه وخاصة بين يدي الملوك والقادرين على الانتقام فان في الكلام تغريرا (1) بالنفس الا ممن حصل على ملكة الكلام الخيري بيان ذلك المدح من وجوه.
الأول - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من وقى شر لقلقه وقبقبه وذبذبه ضمنت له الجنة، وذلك يدل على أن للسان حصه في البعد عن الجنة بسبب ما تكسب (2) النفس بتعويده بما لا ينبغي من ملكات السوء وقال عليه السلام: من صمت نجا.
الثاني - قال بعض الحكماء: الزم السكوت فان فيه سلامة، وتجنب الكلام فان فيه ندامة.
الثالث - قال بعضهم: أفضل حلية العلماء السكوت.
الرابع - قال بعضهم: أنفع الأشياء للانسان ان لا يتكلم على نفسه وذلك حذر من الكلام الموذي فيحتاج إلى التروي.
الخامس - قال بعض ملوك الروم: ما ندمت على ما لم أتكلم به قط، ولقد ندمت على ما قلت كثيرا.
السادس - قال بعض حكماء العرب في هذا المعنى: من أكثر هجر (3) والمقصود انه ربما خرج إلى الهجر.