عنه بالعقوبة (1) وانه مضاد لمصلحة العالم وسبب من الأسباب الموجبة لخرابه إذ كان صاحبه قد ألقى زمام قوته العقلية إلى حكم شهوته وغضبه فصرفاه على مقتضى طباعهما فتارة تميل به الشهوة فيهيج به الحرص أو الحسد فيحمله ذلك على القول الباطل في سلب الأموال، وتارة يميل به الغضب فيهيج به شهوة الانتقام فيقوده ذلك على القول الباطل الموجب لسفك الدم بين يدي الملوك وغيرهم وقد عرفت انه لا نظام للعالم الا بهما.
واما (2) الذم فقال عليه السلام: الكذب رأس (3) النفاق وذلك لخروج (4) الكاذب عن الصدق الذي هو صنف من أصناف الورع كما يخرج المنافق من ربقة الايمان، واشتقاق النفاق من قولهم: نفق اليربوع إذا خرج من حجره، وقال تعالى: ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا (5) فمن أظلم ممن كذب على الله (6) ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة (7) وبالجملة فذم الكذب في الكتب الإلهية والسنن الشرعية وبين أهل العالم أكثر من أن يحصى، ولو لم يكن فيه الا ما ذكرناه لكان كافيا في قبحه فيكف وهو من أعظم الأسباب لحرمان الخير الدائم والنعيم في الآخرة إذ كان من يتعود الكذب ملطخا لنفسه بملكة تحدث عنه يحرم (8) معها صحة المنامات (9) وصدق الالهامات ويسود لوحها (10) بتلك الملكة فتشتغل عن قبول الانتقاش بالحق والتحلي (11) بالجلايا القدسية والاستشراق للأنوار العلوية فأعظم به سببا لخراب (12) الدارين...! وعلة لحرمان السعادتين..!
نعوذ بالله من سوء الاختيار ونستجيره من عذاب النار.