الغضبية (1) قائما فهي قائمة متحركة ومحركة وأكثر ما تؤثر السعاية بين يدي الملوك لعلم الساعي بقدرتهم على تنفيذ أغراضه ولاعتقاده انهم أقرب إلى قبول قوله من الغير لغلبة القوى الشهوية والغضبية فيهم، وإنما كانت فيهم أقوى لتمرنهم عليها وأكثرية وقوعها منهم لتمكنهم من اعطائها لمطلوباتها من المشتهيات والانتقامات فيصير جريانها منهم (2) سريعا ويحصل لهم من ذلك ملكات ارسال القوى الشهوية والغضبية وتصير الغفلة عن المصالح الكلية ملكة لهم أيضا، وكثيرا ما تؤثر السعاية معهم لذلك الا من لمحه (3) الله بعين العناية منهم حتى راض نفسه بالآداب الشرعية وساسها بالتعويد بالفضائل الخلقية فيراعى المصالح الكلية والتدبيرات المدنية فملك زمام شهوته وغضبه بكف عقله العملي وصرفه بها فأولئك ما عليهم من سبيل (4) وقليل ما هم. إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق (5) فيصير بغيهم سببا لخراب الأرض فيفسد الحرث والنسل والله لا يجب الفساد (6).
فقد علمت أن الحسد من أعظم أسباب الخراب ولاح لك ان الحاسد وان أتعب غيره فهو متعب لنفسه بتلك الحركات النفسانية والبدنية وتوابعها من اللوم والذم العاجل والشقاوة التامة في الاجل وذلك مما يستلزم عدم الراحة المستلزم لعدم امكان اجتماع الراحة والحسد وذلك تحقيق لهذا السلب الكلى، والله الموفق.