سبيل الاستعارة التي هي اجل أنواع المجاز، ووجه المشابهة ان الكريم كما يسمح بالمال الكثير ويفارقه بسهولة من نفسه في تحصيل الأمور الجليلة القدر الكثيرة النفع بمقدار ما ينبغي على الوجه الذي ينبغي كذلك المتقى من جهة انه متق يسمح باللذات الحسية والمشتهيات البدنية بسهولة من نفسه في تحصيل الأمور الجليلة القدر الكثيرة النفع وهي اللذات العالية والمشتهيات الباقية بمقدار ما ينبغي وعلى الوجه الذي ينبغي مما لا يخالف الرسوم الشرعية والأوضاع الحقيقية ولهذه المشابهة الشريفة والملاحظة اللطيفة أطلق (ع) عن التقى انه كرم.
وأما بيان انه أعز ما يطلق عليه اسم الكرم وهو المقصود من هذه الكلمة فلان التقى قد سمح (1) بجميع اللذات المستحسنة الحسية وأعرض عنها فان تناول شيئا منها فلا (يتناوله) لأنه ملذ بل مقوم للحياة حتى لو قامت حياته بغير ملذ لكان هو والملذ على سواء بالنسبة إليه، والكريم وان سمح فبالمال الذي هو جزئي من جزئيات تلك الملذات، وقد يكون ذلك البذل منه تحصيلا للذة فانية وشتان ما بين اللذتين وفرقان ما بين الكرمين. شعر:
إذا ما ظمئت إلى ريقه * جعلت المدامة منه بديلا وأين المدامة من ربقه * ولكن أعلل قلبا عليلا فقد عرفت ان التقى أعز كرم وأجله وأعظم مسمياته شانا وارفعها مكانا وان صاحبه هو المستفتح لاغلاق سبل الهدى إذا (2) أغلق عن نفسه أبواب مسالك الردى. اللهم خذ بأزمة قلوبنا إلى إجابة داعيك حتى لا نلتفت (3) إلى غيرك ولا تجترئ (4) على هتك أستار أبواب محارمك، فتزل قدم بعد ثبوتها ونذوق (5) السؤ بما صددنا عن سبيلك (6)